النخيل نيوز
آراء

شوقي عبد الأمير

أحمد عبد الحسين

حصول الشاعر العراقي شوقي عبد الأمير على أرفع وسام ثقافي فرنسيّ “وسام الفارس”، ليس حدثاً عابراً. إنه مناسبة لإعادة التفكير والتذكير بالجسر الرابط بين ثقافات الشرق والغرب، وتحديداً بين الثقافة العربية ومثيلتها الأوروبية، والتأكيد على أن الثقافة هي أصلح وأعمق موردٍ يمكن أن يكون أداة وصل وحوار بين الأمم بعد أنْ تعصف السياسة والاقتصاد بالروابط الإنسانية بينها.

جاء في كتاب وزيرة الثقافة الفرنسية السيدة “ريما ملك” الموجه إلى عبد الأمير: “الوسام مكافأة للشخصيات التي تميزت بإبداعها في ميادين الثقافة وبدعمها ونشرها للمعارف والمؤلفات التي تشكِّل ثروة في موروثنا الثقافي، تريد بلادنا أن تحيي عالياً مساهمتكم في إغناء ونشر الفنون والآداب في فرنسا والعالم. أتقدم لكم بتهانيّ الصادقة وأنا سعيدة بشكل خاص أن أسجّل بهذا التكريم التزامكم في خدمة الثقافة”.

هي المرة الأولى التي يحوز فيها عراقيّ هذا الوسام، ودلالة ذلك مهمة للغاية تتواشج مع الدور الذي يلعبه العراق الآن سياسياً في إنشاء تفاهمات إقليمية ودولية لتجسير الهوّة بين القوى المتنافرة والمتضادة، بعد أنْ كان للعراق دور محوري في إيصال المنطقة إلى لحظة حوار كانت مفتقدة لعقود، من خلال إسهامه الفاعل في إنضاج التفاهمات الإيرانية السعودية والعمل على تأسيس محاور اقتصادية للعمل الإقليمي المشترك.

الطبيعة الفريدة للعراق، جغرافياً وثقافياً، تتيح له أن يلعب هذا الدور بامتياز، وتمنحه القدرة على أن يكون جسراً واصلاً بين الأمم بعد أن كان، في عهد الديكتاتورية، جدار فصلٍ وتخويف لجيرانه والعالم، وقد آن له اليوم أن يعود إلى جوهره المتمثل في كونه مركزاً للالتقاء لا نواة للنبذ والافتراق.

شوقي عبد الأمير شاعر وصحفي معروف وقد كان زميلاً لنا حين كان يترأس صحيفة الصباح، لكنه شغل أيضاً مناصب دبلوماسية عدّة مندوباً دائماً للعراق لدى اليونيسكو، ومستشاراً ثقافياً لرئيس الوزراء ومستشاراً في مجال العلاقات الدولية لمنظمة اليونيسكو، كما أنه أسّس مشروع “كتاب في جريدة” الذي يعدّ أكبر مشروع ثقافيّ عربيّ تمّ تحت رعاية اليونيسكو.

هناك أمر آخر ذو أهمية فائقة، وهو أن عبد الأمير المرشح الأبرز لرئاسة “معهد العالم العربي” في باريس، وهو المعهد الوحيد من نوعه في الغرب، لأنه واجهة الثقافة العربية والإسلامية في عموم أوروبا. واعتقادي أن دعم خيار إيصال مثقف عراقيّ إلى رئاسة هذه المؤسسة، أمر ضروريّ يقع على عاتق العراق دولةً ومؤسسات حكومية وفاعلين في مجال الثقافة.

المصدر: صحيفة الصباح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *