النخيل نيوز
آراءنيوز بار

مسدّس لكل سيارة

عبدالهادي مهودر

شغَلت جريمة قتل الصحفي ليث محمد رضا رحمه الله ، العراقيين وزملاءه الصحفيين على وجه الخصوص ، بعد أن سجلت الكاميرات تفاصيل الحادثة وشاهدها الجميع ، وفي البدء تعددت الاتهامات ووظفت الحادثة لقضايا أخرى لكنها لم تصمد طويلاً أمام حقيقة وقوع مشاجرة بين شخصين في مشهد ليس جديداً على شارعنا المكتظ ومزاجنا المتوتر ، غير أن الحادثة سلطت الضوء على قضية خطيرة وهي حمل السلاح بشكل واسع دون وجود مبرر وكثرة المجازين وغير المجازين الذي يجعل مشهد سحب المسدس من السيارة وارداً لأتفه الأسباب ، وكانت الصدمة مضاعفة لكون الضحية صحفياً وفي مقتبل العمر ، وأمام هول المنظر وضَعَ كلٌ منا نفسه مكان القاتل والقتيل معاً ، وتساءلنا ماذا نفعل لو كنا طرفاً في المشاجرة ، هل نلجأ الى استخدام السلاح ، أم نتغاضى أم نكتفي باطلاق النار في الهواء إذا كنا من النوع القادر على ضبط النفس وكبح جماحها ؟ وكيف ننجو من حامل سلاح في لحظة انفعال ؟ وكيف نتصرف وننقذ شابين من هذا المصير لو كنا شهوداً او (حواجيز) لتفادي حصول جريمة واراقة دماء ؟! ربما يكون غالبيتنا عاجزين عن إتخاذ موقف حكيم في لحظة مشابهة ونرتكب الأخطاء القاتلة نفسها ، وقليلون جداً يتصرفون بحكمة في مثل هذه المواقف التي لاتدع فرصة للتفكير وإتخاذ القرار الصحيح وننسى في حينها ( أن الشديد ليس بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) كما ورد في الحديث النبوي الشريف،المتفق عليه والمختلف على الالتزام به في لحظة الاختبار الحقيقي ، ومع الإقرار بضعف الرادع الذاتي وعدم القدرة على ضبط الأعصاب يتقدم الكلام عن دَور الدولة فهي الوحيدة القادرة على توفير بيئة سليمة تقلل من ارتكاب جرائم قتل بهذه السرعة وإزالة أسبابها ، ابتداءً من كثرة حمل السلاح الشخصي الى كثرة التجاوزات على القوانين والطرق والارصفة ومروراً بتقديم النماذج السيئة وتحويلها الى قدوة للشباب وصناعة طبقة قاهرة للمجتمع ومستفزة للمشاعر تجاوزت مرحلة المحتوى الهابط الى المحتوى المحرّض على ارتكاب الجرائم.
ولنا في الجريمة التي حدثت ،كمجتمع ودولة ووسائل إعلام ومواقع تواصل اجتماعي ، نسبة مشاركة ومسؤولية، فنحن ضالعون في الجريمة التي حصلت والتي ستحصل إذا واصلنا تجاهل الأسباب والاستهانة بالمقدمات وتركناها تنمو وتكبر وتخرج عن السيطرة ، ولابد من تقييد ومنع حمل المسدسات في السيارات دون وجود ظرف خاص وتهديد مباشر، فقد اصبحت المسدسات جزءا أساسياً من اكسسوارات السيارات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *