النخيل نيوز
آراء

‏أربعة سلبية!


‏زينب ربيع

‏قدرُ الديمقراطية أن تكونَ ملازمة للحرية رغم انها كمصطلح سياسي تعني حكم الشعب، فلم تنفك الحرية عن الديمقراطية ولا الأخيرة انفكت عن مفهوم الحريات على الاقل لدى الشعوب والمجتمعات، لا سيما تلك التي تعتبر حديثة العهد مع الديمقراطية.

‏والأكثر من ذلك ان معيار نجاح الديمقراطيات في العالم صار يقاسُ بحجم الحريات، وبالتأكيد تأتي حرية الرأي والتعبير والصحافة والتجمع السلمي في مقدمتها، فالحريةُ استطاعت أن تسهمَ وبشكلٍ أساسي وجوهري في تقييم أنظمة الحكم وإسقاط الحكومات التي توجس الشعبُ منها خيفةً في لحظات تاريخية فاصلة في حياة الدول والشعوب الديمقراطية.

‏لم نسمع يوماً في تلك الدول أن الصحافةَ والإعلام يحاولان زعزعةَ الوضع او أن التظاهر والتجمع يحاولُ قلب نظام الحكم رغم العنف المتبادل فيها، كما لم نسمع أن مصطلحات من قبيل “إشاعة السلبية” يرمى بها المنتقدون للوضع العام.

‏ربما تكون هذه المقدمة طويلة بعض الشيء للدخول الى اصل المشكلة التي تواجه ديمقراطيتنا الناشئة التي تفضلت علينا بجزء كبير من الحرية بعد سنوات من تجريم الحروف وحبس الكلمة وتغييب أصحاب الرأي، قبل أن يأتي نفس الثائرين على جمهورية الخوف بعد عقدين ليعيدوا احياء قوانين ذلك العهد وتطويع نصوصه في مهاجمة الخصوم والمنتقدين.

‏لا نبالغ إذا قلنا إن المنتقد أو الصحفي أو أي صاحب رأي يعيش محنة تتجسد في التردد كثيراً قبل ان يقول كلمة أو يكتب سطرا، ليس خوفا بالتأكيد من قمع وسجون حتى نكون منصفين، ولكن خوفاً من تبعات هذا الموقف الذي تؤدي بصاحبه الى “الشيطنة” و”منيو” الإتهامات وفق ما لذ وطاب لمن يطلقها.

‏تلك هي الدكتاتورية بعينها، فالدكتاتورية لم تنشأ بين ليلة وضحاها، ولم تولد كائنا متوحشا فجأة، فقد مرت بمراحل الولادة جميعها العسيرة والسهلة ومن ثم الرضاعة والطفولة والمراهقة حتى غدت ذلك الرجل الشرير الضخم الذي يكتم الأنفاس.

‏اتركوا للناس حرية الكلام والنقد، فهي وقود الديمقراطية والمصل المضاد للدكتاتورية، ودعكم من تهمة “السلبية” حتى لا نستفيق يوماً والأصفاد بيدنا بتهمة “أربعة سلبية”!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *