تحقيق لصحيفة “الصباح”.. أسر عراقية تفكر بالعودة لبلادها بسبب ارغام اطفالهم على المثلية

  لندن: عامر مؤيد

في الماضي القريب، كان مهاجرون عراقيون يقررون العودة إلى البلاد لمواضيع تتعلق بصعوبة استحصال القائمة الدائمة وفقاً للشروط الجديدة المفروضة أو عدم اندماجهم مع المجتمع بشكل عام، لكن في الوقت الحاضر، هناك أسباب أخرى للعودة لا سيما من استقروا بشكل تام في دول أوروبا المختلفة وأسسوا أسراً لهم، وهو ما يتعلق بفرض أفكار “مجتمع الميم” عليهم.

غير معقول

ما يُقام الآن في أغلب دول أوروبا لا يقتصر على رفع أعلام مجتمع “الميم” فقط، بل أيضاً الحديث عن ذلك في المدارس وضمن المناهج أي أن جميع من لديهم أولاد يدرسون سيتم ترغيبهم بهذه الفكرة.

ومجتمع “الميم” هو مصطلح يطلق على احترام المثلية الجنسية وهو ما ينادي به الأوروبيون بشكل كبير في الآونة الأخيرة وتسبب بمشكلات بنطاقات عدة، أبرزها مونديال قطر 2022.

وعاماً بعد عام، تزداد الأعلام الخاصة به بحيث لا يمكن مشاهدة محل تجاري أو شارع تجاري دون وجود علم لهم، ولدى البعض أمر طبيعي، لكن غير الطبيعي هو ادخاله في المنهج التعليمي، إذ يقول نصر وهو ساكن في العاصمة البريطانية لندن إن “ما يحدث غير معقول”.

ويؤكد نصر أنه “لا يعادي المثليين وأيضاً من يداعون بحقوقهم، لكنه لا يريد فرض أفكارهم عليه بالقوة وعلى أطفاله أيضاً، كما يحدث في الآونة الأخيرة”.

نصر الذي يتواجد في أوروبا منذ عام 1994 يقول في حديث لـ (الصباح) إنه “بدأ فعلياً يفكر بمغادرة أوروبا لا سيما مع وصول أطفاله إلى العمر الذي يسمح لهم بالذهاب إلى المدارس”.

وبحسب نصر فإنه لا يريد أن تُعبأ هذه الأفكار بعقول أولاده، خاصة أنه ينتمي للديانة المسلمة والتي تُحرم هذا الأمر وتعتبره من الكبائر”.

رفض

في بلاد أخرى وبالسويد تحديداً، يرى عمار وهو حاصل على الجنسية السويدية قبل فترة ليست طويلة أن “المشكلة بالنسبة له لا تتعلق بمجتمع الميم بل بموضوعة احترام الآراء وحرية التعبير”.

عمار في حديثه لـ (الصباح)، يرى أن “من حق أي إنسان أن يعيش كما يريد، لكن ليس من حقك أن تجبر الآخر على الاعتراف بذلك أو تطبيقه طالما لا يتلاءم مع أفكاره وعقيدته”.

يشير عمار إلى مسألة مهمة تخص الدول التي قررت استقبال لاجئين، إذ يقول إنهم يعلمون أن أغلب اللاجئين من الدول العربية وحتى الأفريقية يعتنقون الديانة الإسلامية وبالتالي هم يرفضون هذه الأفكار بشكل قاطع”.

وعن تجربة يذكر عمار أن “الأوروبي الذي يرفض ارتداء زي “الميم” أو دعمهم في المهرجانات يلقى استهجاناً كبيراً، إذ إن رفض هذه الفكرة لا يقتصر على المسلمين فقط”.

أصل الخليقة

البعض الآخر يرون صعوبة العودة مرة أخرى إلى العراق خاصة مع سير سنوات العمر واستقرارهم في هذه البلدان ومنهم أسرة زيد رحيم الذي يؤكد أنه “يرفض مثل هذه الأفكار لكن ليس لديه أي حل آخر”.

ويقول رحيم في حديثه لـ (الصباح)، إنه “يتحدث مع أولاده بين حين وآخر ويحاول قدر المستطاع شرح أخطاء هذا المجتمع وكيف أن أصل الخليقة هو ذكر وأنثى”.

صعوبة العودة هي ما يُجبر زيد رحيم على البقاء وهذا ما يؤكده، قائلاً إنه “خرج من العراق في سن الثامنة عشرة والآن أسس عملاً خاصاً به ويملك سيارة ومنزلاً والعودة إلى العراق تعني الشروع من نقطة الصفر مجدداً”.

وفي عام 2020 أثار رفع علم المثلية في بغداد جدلاً كبيراً عبر مواقع التواصل، وذلك بعدما رفعته سفارة الاتحاد الأوروبي في مقرها لإحياء “اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية” الذي يوافق 17 من أيار من كل عام.

كانت بعثات الاتحاد الأوروبي قد رفعت علم قوس قزح للحراك المثلي في جميع أنحاء العالم، لتسليط الضوء على “حقوق المثليين ومتحولي الجنس ومزدوجي الجنس، كما شاركت السفارتان البريطانية والكندية في بغداد في إحياء هذا اليوم.

حينها شجبت وزارة الخارجية العراقية، في بيان صحفي، رفع بعثة الاتحاد الأوروبي لعلم المثلية، وقالت إن في ذلك”مساساً بالمبادئ والقيم الأخلاقية”.

كما ذكرت بضرورة “التقيد بالقوانين المرعيّة في البلاد، ورعاية الأعراف الدبلوماسية والقيم السائدة في المجتمع العراقي”.