النخيل نيوز
النخيل نيوزعامنيوز بار

مركز النخيل يوثق مسيرة 20 عاما من الحريات الصحفية واعمال القمع والاستهداف

وثق مركز النخيل للحقوق والحريات الصحفية في تقرير اصدره بمناسبة مرور 20 عاما على التغيير، مسيرة الحريات الصحفية والإعلامية وعمليات الاستهدافات والانتهاكات التي طالت الصحفيين خلال عقدين، فيما اشار الى أن الصحافة في العراق شهدت خلال السنوات الماضية أحلك أيامها بفعل عوامل سياسية وامنية واقتصادية.

وقال المركز في بيان، إن “التحول السياسي في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 زاد من التوقعات بشأن تحول المشهد الإعلامي في العراق، إلى محطات تتناغم مع تطلعات المواطنين ومشاكلهم وتلعب دورًا إيجابيًا في حياتهم اليومية بعد عقود من سيطرة نظام صدام على الإعلام، لكن هذه الآمال لم تدم طويلاً حتى كُممت الأصوات وهيمنت الأحزاب السياسية على المنافذ الإعلامية”، مبينا أن “الصحافة في العراق واجهت خلال السنوات الماضية أحلك أيامها، مع تزايد الاعتداءات على الصحفيين، لا سيما أثناء الاضطرابات السياسية والأمنية”.

واشار المركز الى “مقتل 220 صحافيًا عراقيًا منذ الغزو الأمريكي للعراق حتى العام 2008، كما قتل 22 صحافيًا عربيًا وأجنبيًا”، موضحا أن “سنوات الاحتلال الأمريكي شهدت أيضًا اختطاف 64 صحفيًا ومساعدًا اعلاميًا قتل أغلبهم ومايزال 14 منهم في أعداد المغيبين”.

وتابع، أن “تكتيكات استهداف الصحافيين لم تنته عند هذا الحد فقد شهدت فترة سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على عدد من المحافظات العراقية، مقتل أكثر من 37 صحافيًا وإعلاميًا عراقيًا وأجنبيًا وأختطف ما يقارب 50 صحافيًا 10 منهم ما يزال مصيرهم مجهول حتى اللحظة”.

وبشأن الازمة الاقتصادية، اوضح المركز أن “الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم ومنها العراق في عام 2015 وصولًا لعام 2019، بسبب تدني أسعار النفط العالمية، لم تكن بعيدة عن ماسأة الصحافيين، إذ أوصدت قرابة 20 محطة تلفزيونية وإذاعة ووكالة أنباء وصحف أبوابها أمام الصحافيين دون سابق أنذار أو تعويضهم ماديًا ما تسبب بتسريح 720 صحافيًا وإعلاميًا، مع استمرار عمل بعض المحطات والوكالات المدعومة حكوميًا وسياسيًا”.

كما تطرق التقرير الموسع الى احداث تظاهرات تشرين، فقد كشف عن  “مقتل 3 صحافيين وتعرض 41 صحافيًا إلى جملة اعتداءات توزعت بين هجمات مسلحة وتهديد بالتصفية وإصابة بالرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع، واعتداء بالضرب ومنع تغطية”.

ووثق المركز الاحداث التي رافقت الصحفيين خلال فترة تظاهرات تشرين، حيث “تعرضت 14 محطة إذاعية وتلفزيونية محلية وعربية إلى الاعتداء والتخريب والغلق ومصادرة المعدات، فضلًا عن اعتقال 8 صحافيين، فيما اضطر 27 صحافيًا من مدن جنوب ووسط البلاد الى الهروب باتجاه إقليم كردستان الذي يمارس هو الأخر تضيقا كبيرا على الإعلاميين والصحافيين وهو ما دفع البعض للذهاب خارج العراق، كما عمدت السلطة خلال تظاهرات تشرين على حجب خدمات الانترنت في عموم مدن البلاد باستثناء إقليم كردستان، وما تزال الدولة تحتفظ بالقدرة على إغلاق الاتصالات عبر الإنترنت في جميع أنحاء البلاد”.

وخلص التقرير الى أنه “في غضون 20 عامًا قتل نحو 500 صحفي في عموم مدن البلاد، كما احتل العراق في مؤشر حرية الصحافة لمنظمة مراسلون بلا حدود لسنة 2022، المرتبة 172 من أصل 180 دولة، متراجعًا من 163 دولة في إصدار 2021”.

وبين التقرير أنه “فيما يتعلق بحماية الصحافيين وتنظيم عمل “صاحبة الجلالة” شرع مجلس النواب قانون حقوق الصحفيين لسنة 2011 فقط، فيما عطلت الخلافات السياسية داخل البرلمان مشروع قانون حق الحصول على المعلومة”.

وفيما يلي نص التقرير:

مسيرة العشرين.. الحريات تضيق بما وسعت!

بعد 20 عامًا على التغيير وسقوط النظام الدكتاتوري، ما تزال السلطة الرابعة مكبلة بسلاسل القوانين الشمولية السابقة وعوامل سياسية وأمنية وحتى اقتصادية ترسم صورة سوداوية عن واقع الصحافة في العراق.

تدهور حاد في ظروف العمل وتصاعد للقيود على حريات تدفق المعلومات، وانتهاكات خطيرة وصلت إلى حد التصفية الجسدية والتهجير، مقابل افلات الجناة من العقاب، كلها تحديات وضعت حياة الصحافيين العراقيين على المحك.

التحول السياسي في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 زاد من التوقعات بشأن تحول المشهد الإعلامي في العراق، إلى محطات تتناغم مع تطلعات المواطنين ومشاكلهم وتلعب دورًا إيجابيًا في حياتهم اليومية بعد عقود من سيطرة نظام صدام على الإعلام، لكن هذه الآمال لم تدم طويلاً حتى كُممت الأصوات وهيمنت الأحزاب السياسية على المنافذ الإعلامية. 

واجهت الصحافة في العراق خلال السنوات الماضية أحلك أيامها، مع تزايد الاعتداءات على الصحفيين، لا سيما أثناء الاضطرابات السياسية والأمنية.

الحديث عن حقوق الإنسان وحريات الإعلام، مع تحول النظام الشمولي إلى ديمقراطي، اصبح ترفًا لا نصيب للصحافيين منه على أرض الواقع، إذ قتل 220 صحافيًا عراقيًا منذ الغزو الأمريكي للعراق حتى العام 2008،  كان من بينهم صلاح سيدك رئيس تحرير صحيفة الاتحاد، ونادية نصرت المذيعة في شبكة الإعلام العراقية، ومراسلة قناة العربية أطوار بهجت.

كما قتل 22 صحافيًا عربيًا وأجنبيًا بينهم مصور رويترز تاراس بروتسيوك وزميله الصحفي خوسيه كوسو ومصور آخر تابع لمحطة تيليسينو التلفزيونية الإسبانية، ومراسل قناة الجزيرة طارق أيوب، ومراسل قناة العربية علي الخطيب.

وشهدت سنوات الاحتلال الأمريكي أيضًا اختطاف 64 صحفيًا ومساعدًا اعلاميًا قتل أغلبهم ومايزال 14 منهم في أعداد المغيبين.

تلك السنوات كانت الأكثر دموية في تاريخ الصحافة، حتى أنها تخطت ما سجل على مدى أكثر من 30 عامًا من الحرب في فيتنام، وعلى الرغم من المناشدات الدولية والتشريعات التي سنها مجلس النواب العراقي لحماية العاملين في الصحافة الإ أن الإعلاميون مايزالوا مستهدفين وسط سيادة الإفلات من العقاب.

تكتيكات استهداف الصحافيين لم تنته عند هذا الحد فقد شهدت فترة سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على عدد من المحافظات العراقية، مقتل أكثر من 37 صحافيًا وإعلاميًا عراقيًا وأجنبيًا وأختطف ما يقارب 50 صحافيًا 10 منهم ما يزال مصيرهم مجهول حتى اللحظة.

الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم ومنها العراق في عام 2015 وصولًا لعام 2019، بسبب تدني أسعار النفط العالمية، لم تكن بعيدة عن ماسأة الصحافيين، إذ أوصدت قرابة 20 محطة تلفزيونية وإذاعة ووكالة أنباء وصحف أبوابها أمام الصحافيين دون سابق أنذار أو تعويضهم ماديًا ما تسبب بتسريح 720 صحافيًا وإعلاميًا، مع استمرار عمل بعض المحطات والوكالات المدعومة حكوميًا وسياسيًا.

يعد الدعم الحكومي والسياسي المقدم لبعض وسائل الإعلام المحلية، سلاحا ذو حدين، بينما يؤمن استمراريتها يعمل على تضيق الحريات وقولبة الاخبار وفقًا لمصالح الجهة الممولة، كما يضع مستقبل المؤسسات بيد صناع القرار السياسي.

ولم تتعاف الصحافة بعد من أزمة التقشف المالي، حتى اندلعت الاحتجاجات الشعبية في البلاد تشرين الأول/أكتوبر 2019 للمطالبة بتحسين الواقع المعيشي والخدمي ومكافحة الفساد ما زاد التحديات والمعوقات والتهديدات ضد المؤسسات الإعلامية وعلى الصحفيين.

أغلب الصحفيين كانوا خلال احتجاجات تشرين ضحايا لمجموعة متنوعة من الجرائم والانتهاكات، بما في ذلك القتل والاعتقال التعسفي والتعذيب والمحاكمات الجائرة وتشريدهم، إذ قتل 3 صحافيين وتعرض 41 صحافيًا إلى جملة اعتداءات توزعت بين هجمات مسلحة وتهديد بالتصفية وإصابة بالرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع، واعتداء بالضرب ومنع تغطية.

كما تعرضت 14 محطة إذاعية وتلفزيونية محلية وعربية إلى الاعتداء والتخريب والغلق ومصادرة المعدات، فضلًا عن اعتقال 8 صحافيين، فيما اضطر 27 صحافيًا من مدن جنوب ووسط البلاد الى الهروب باتجاه إقليم كردستان الذي يمارس هو الأخر تضيقا كبيرا على الإعلاميين والصحافيين وهو ما دفع البعض للذهاب خارج العراق، كما عمدت السلطة خلال تظاهرات تشرين على حجب خدمات الانترنت في عموم مدن البلاد باستثناء إقليم كردستان، وما تزال الدولة تحتفظ بالقدرة على إغلاق الاتصالات عبر الإنترنت في جميع أنحاء البلاد.

ونتيجة للتهديدات المستمرة وقوانين حزب البعث المنحل التي ما تزال السلطات تعمل فيها، يجبر الصحفيون على ممارسة الرقابة الذاتية لتجنب المقاضاة والمضايقات والاعتداءات التي تمر في الغالب دون عقاب قانوني.

وفي غضون 20 عامًا قتل نحو 500 صحفي في عموم مدن البلاد، كما احتل العراق في مؤشر حرية الصحافة لمنظمة مراسلون بلا حدود لسنة 2022، المرتبة 172 من أصل 180 دولة، متراجعًا من 163 دولة في إصدار 2021.

ويرتبط قمع الإعلام المستقل ارتباطًا مباشراً بالتدهور المستمر في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في العراق، على الرغم من أن وسائل الإعلام العراقية الحالية أكثر تنوعًا من أي وقت مضى.

وفيما يتعلق بحماية الصحافيين وتنظيم عمل “صاحبة الجلالة” شرع مجلس النواب قانون حقوق الصحفيين لسنة 2011 فقط، فيما عطلت الخلافات السياسية داخل البرلمان مشروع قانون حق الحصول على المعلومة.

كما يحاول البرلمان إضفاء الشرعية على القيود المفروض على حرية الصحافة من خلال محاولات تشريع مشروعي قانونين الجرائم الإلكترونية وحرية التعبير والحق في التظاهر السلمي.

“يبدو أن البرلمان لا يعير اهتمامًا كافيًا للوائح والتشريعات الخاصة بتنظيم الصحافة في العراق”، وفقا لما يقول التدريسي في كلية الإعلام حسن عبد الهادي الخاقاني، الذي ينتقد عدم جدية السلطات في وضع حدًا للانتهاكات التي طالت الصحفيين.

ويقول الخاقاني إن “الإعلام اليوم يلعب دورًا مؤثرًا ومسموعًا في الأوساط السياسية والمجتمعية، ولا يمكن الاستغناء عنه بأي شكل من الأشكال”، معتبراً أن “النهوض بواقع العمل الإعلامي مرتبط بضمان حقوق الصحفيين والحيلولة دون ضياعها”.

ولم تمنع الانتقادات التي توجه لواقع صحافة العراق، الخاقاني، من اعتبار حرية الصحافة في العراق “أفضل بكثير مقارنة بدول الشرق الأوسط، إذ يمكن للصحافي التمتع بهامش من الحرية يختلف عما كان يمارسه النظام السابق من تكميم منهج للأفواه أو ما تمارسه الأنظمة العربية تجاه الإعلاميين والصحافيين”.

وعلى عكس ما يتحدث فيه الخاقاني، سجل رئيس تحرير صحيفة العالم الجديد الإلكترونية منتظر ناصر، تراجعًا ملحوظًا في هامش الحريات الممنوحة لهم.

ويقول ناصر، إن “الصحافيين العراقيين شهدوا في الآونة الأخيرة تراجعاً كبيراً وملحوظاً في مستوى الحريات الصحفية، واستشعر الكثير منهم ظهور دكتاتورية جديدة مستفيدة من قوانين النظام السابق الموروثة التي لا تتلاءم مع الدستور.

حرية الرأي والتعبير مكفولة بموجب المادة 38 من الدستور، ولكن مرة أخرى تحاول السلطة التشريعية تشريع قوانين غامضة وقابلة للتأويل والتلاعب من قبل صناع القرار، وهو ما يتعارض مع الضمانات الدستورية حسبما يقول ناصر.

ويؤشر رئيس تحرير العالم الجديد، العديد من الخروقات التي شهدها شهر شباط 2023 تضمنت انطلاق حملة ملاحقة المحتوى الهابط، وتبعها مطالبة رئيس مجلس القضاء فائق زيدان، بملاحقة أصحاب المحتوى والمسيئين الى مؤسسات الدولة، الأمر الذي عده ناصر “تجاوزًا على حريات الصحافيين”.

ووفقاً لما يقوله الصحفي منتظر، فإن “السلطات العراقية لم تكتف بهذا القدر من التضيق، بل تبعها تسريب للائحة الإعلام الرقمي الصادرة عن هيئة الإعلام والاتصالات التي تضمنت  مناقشة قانون ما يعرف بجرائم المعلوماتية ما يعني أن ثمة رغبة حكومية في محاربة هوامش الحرية الممنوحة للصحفيين”، مبديًا قلقه من “استفحال تلك الظاهرة مالم تتظافر جهود المدافعين عن حقوق الحريات بوجه هذه الهجمة التي لا نعلم نهايتها”. 

الحاجة الى تعطيل القوانين الموروثة من زمن النظام السابق خصوصا تلك التي تتعلق بالحريات الصحفية والعامة وقانون العقوبات الذي سن في العام 1969، يراها صحفيو العراق ذو مساس مباشر بعملهم. داعين إلى ضرورة تماهي تلك القوانين مع التحولات التي شهدها المجتمع وبنود الدستور الجديد منتقدين فشل مجلس النواب منذ العام 2003 في إقرار قانون حق الوصول الى المعلومة وتكييف بعض المواد القانونية كسلاح لقمع العامليين في الإعلام.

وينص قانون المطبوعات لعام 1968، الذي لا يزال ساري المفعول، على عقوبة بالسجن تصل إلى سبع سنوات لمن يهين الحكومة، بينما ينص قانون العقوبات لعام 1969 على أحكام بالسجن في قضايا التشهير.

وليس بعيدا عما يشخصه الصحفيون العراقيون من تعثر في هامش الحرية الممنوحة لهم، ينتقد عميد كلية الإعلام الأسبق الدكتور هاشم حسن، الطريقة التي بني فيها النظام السياسي في العراق، مؤكدا حاجة البلاد لتحول ممنهج في نظام الدولة الجديدة وتغيير كامل في البنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية للبلاد”، معتبراً بأن “السلطة في العراق لا تمثل سوى الأحزاب المشاركة فيها التي تسعى دائما إلى تكريس المحاصصة”.

وفيما اذا ستشهد المرحلة القادم تشريع قوانين تنظم العمل الصحفي يستبعد العميد، مساع السلطة التشريعية لتشريع قوانين من هذا النوع، بل العكس فقد يسعى البرلمان الى محاولة تمرير قانون جرائم المعلوماتية وحرية الرأي للتضيق على الحريات.

“الحديث عن ملفات الفساد، والحريات الصحفية والعامة”، يعدها عميد الإعلام الأسبق، “جريمة بنظر السلطات”، وهذا ما حصل معه عندما تحدث عن وزارة الداخلية التي فتحت مجلسًا تحقيقيًا بحقه بتهمة “تزوير جواز السفر”. عادوا إلى “تلفيق التهم” يقول هاشم حسن.

إلى ذلك يعتبر الصحافي زياد العجيلي أن صحافة العراق تحررت منذ العام 2003 ولغاية 2008 لكن سرعان ما أعيد العمل في قوانين النظام السابق التي تحكم الصحافة”، مضيفًا أنه “من المؤسف حقاً أن تتعامل الحكومات المتعاقبة على أساس انها محكومة بقوانين أقرتها أنظمة دكتاتورية لا تتردد في حبس الصحفيين وحتى اعدامهم بتهمة التخابر مع جهات دولية”.

وزاد “من الواضح أن لا رغبة سياسية من تحرر الصحافة من سطوة السلطة في البلاد، ونحن في صراع مع تداعيات قوانين ظالمة”.

يجب على السلطات احترام حرية الصحافة، والتوقف عن استهداف الصحفيين ووسائل الإعلام، والإفراج عن جميع الصحفيين المحتجزين بسبب عملهم، والسماح لجميع الأفراد والمؤسسات بالانخراط في نشاط إعلامي دون قيود.، يقول العجيلي.

أثناء حكم صدام، كانت هناك ثلاث قنوات تلفزيونية وخمس صحف فقط جميعها تابعة للنظام السابق، وكانت تهتم في تمجيد النظام، كما حظرت الحكومة تركيب أطباق استقبال الأقمار الصناعية، مما كان سيسمح للعراقيين بالوصول إلى منافذ الأخبار الدولية.

وبعد نهاية حكم النظام السابق، انفتحت بيئة الإعلام العراقي بسرعة. بحلول عام 2004 بدأت أكثر من 200 صحيفة في النشر، بالإضافة إلى حوالي 80 محطة إذاعية و 20 قناة تلفزيونية، كما سارع الجمهور العراقي إلى شراء أطباق الأقمار الصناعية وتلقي الإرسالات من الخارج.

وبعد مرور 20 عامًا من التغيير، وصل عدد المحطات التلفزيونية إلى قرابة 60 محطة، و155 إذاعة، ومئات الصحف والمواقع الإلكترونية فضلًا عن نحو 70 مكتبًا للقنوات العربية والأجنبية.

وعلى الرغم من التنوع في الفضاء الإعلامي، يقول مدير مرصد الحريات الصحفية التابع لنقابة الصحفيين العراقيين هادي جلو مرعي، إن “الصحافة العراقية تحتاج الى الاستقلالية على اعتبار أن غالبية تلك المؤسسات تخضع لهيمنة القوى السياسية والدينية النافذة وحتى رجال الأعمال”، مؤكدًا أن “الاستقلالية ما تزال حبرًا على ورق، ولا توجد صحافة حرة، لكن يوجد صحافيون أحرار يحاولون ان يتجاوزوا الحواجز والمضايقات”. 

وأضاف أن “الأحزاب السياسية والقوى الاقتصادية الفاعلة بدأت بالسيطرة على وسائل الإعلام منذ العام 2006 وتمويلها من أجل الترويج للتقارير والأخبار التي تخدم أجندتها السياسية وتصفية الحسابات، وكذلك تتحكم في المحتوى وتدفق المعلومات كما وتمنع التغطية الهادفة لأفعالهم السيئة وملفات الفساد، لذلك أصبحت الصحافة منفصلة عن واقع الناس”.

ويرى جلو أن الصحفيين ليسوا بحاجة الى تشريعات داعمة للصحافة بقدر حاجتهم إلى إيقاف تشريعات التي تهدد حرية التعبير”، موضحًا أن “مشروع قانون جرائم المعلوماتية والابتزاز الالكتروني وحرية التعبير والتظاهر، هو بمثابة عامل قلق للصحافيين الذين يخشون من مثل هذه المحاولات التي يسعى البرلمان الى تشريعها في الفترة المقبلة”.

“العراق كان في السابق بيئة غير أمنة أدت إلى مقتل العديد من الصحافيين والآن مع الاستقرار الامني، قد نتحول إلى الضغط السياسي على اعتبار أن القوى السياسية الفاعلة غير مستعدة أن تعطي مساحة من الحرية للصحافيين خاصة الذين يهددون مكاسبهم السياسية والاقتصادية” يضيف مدير مرصد الحريات الصحفية.

ويسهب جلو، في شرح ما يتعرض له الصحفيون من انتهاكات بسبب عملهم الصحفي، كاشفاً عن مقتل 500 صحفي وتهجير المئات منهم”، لافتًا “فقدنا في الموصل لوحدها العشرات من الصحافين خلال دخول داعش ولم يتحدث عنهم احد، ولم تسعى الحكومات إلى انصاف عوائلهم”.

وعن حقوق ورواتب العاملين في المؤسسات، يقول جلو، إن “بعض وسائل الاعلام الحالية لا تعطي رواتب للصحافيين وبعضها أغلقت ابوابها وتنصلت عن وعودها لهم بل حتى رواتب الصحافيين متدنية مقارنة بدول المنطقة باستثناء بعض المؤسسات التي تعطي رواتب خيالية لبعض مقدمي البرامج كونها تستخدمهم في الابتزاز السياسي والمالي والحصول على عقود استثمارية”.

من جانبه يقول عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق، علي البياتي إن “العراق يصنف من أخطر الدول في العمل الصحافي، في حين أن الدعم الأكثر تصميمًا والمستمر للديمقراطية ومؤسساتها، بما في ذلك وسائل الإعلام الحرة وحقوق الإنسان، ضروري لاستقرار البلاد”.

البياتي يدعو المجتمع الدولي إلى “بذل قصارى جهده لمساعدة الصحفيين العراقيين على الحفاظ على التدفق الحر للمعلومات، لخلق نقاش مفتوح وعام وصادق حول التحديات التي تواجه البلاد”، موضحًا ان “الصحافة تخلق الشفافية وتعين الجماهير على المشاركة السياسية والمدنية وتساهم في مكافحة الفساد وتخلق مساءلة ونظام يحترمان الديمقراطية وحقوق الانسان”. 

وينتقد البياتي الجمعيات التي تدعي الاهتمام بعمل الصحفيين لعدم قيامها بدورها الحقيقي في “حماية الصحافيين والدفاع عن حقوقهم المسلوبة، بل العكس فهي ترسم صورة مبهجة عن النظام السياسي في العراق الذي يدعي الديمقراطية، لكنه في الواقع نظام تقاسمي بين العوائل يريد ان يستولي على ثروات العراق بالكامل وعلى كل مجالات الحرية والحقوق”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *