بركات علي حمودي
على نحو مفاجئ ودون سابق إنذار، تم حجب برنامج التواصل الاجتماعي ( تلغرام ) في العراق، اذ تم منع الوصول الى البرنامج منذ نهار يوم الأحد إلا عبر فتحه ببرنامج vpn الكاسر لتشفير وحجب برامج التواصل الاجتماعي.
وتباينت المواقف بين مؤيد لهذا القرار بسبب تداعياتٍ سلبيةٍ سابقة لهذا التطبيق، وبين منتقدٍ بشدة على هذا الحجب والذي تسبب بموجة سخرية واستنكار في أوساط مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره الكثير هو بداية واضحة لتكميم الأفواه كما جرى في حراك تشرين 2019 عندما تم حجب مواقع التواصل الاجتماعي بشكلٍ عام أثناء الاحتجاجات الشعبية والتي أسفرت عن مقتل مئات الأشخاص من العراقيين.
اول ردات الفعل الغاضبة على هذا القرار، كان من منصات مؤيدة لحكومة السوداني والإطار التنسيقي، حيث هددت هذه المنصات، الحكومة الحالية بإعلان المعارضة عليها وعلى قرارتها في حال استمرار الحجب وعدم استطاعتهم النشر على هذه المنصة والتي تضم ايضاً منصات عراقية اخرى بالضد من توجه الحكومة الحالية وكذلك قنوات لكُتّاب ينشرون مقالاتهم وأفكارهم على تلغرام .
تخوف من اختراق معلومات مهمة
يرى مراقبون للوضع العراقي ان تطبيق تلغرام كان له مساوئه ايضاً، حيث كان له دورٌ سلبي في الوضع العراقي سياسيا و امنياً في فترات سابقة، وفي هذا السياق قال عزيز الربيعي “رئيس مؤسسة بغداد للدفاع عن ضحايا الرأي” في حديثٍ خاص لجسور عربية ” تحول تطبيق تلغرام في الآونة الأخيرة الى بؤرة الكترونية لعناصر داعش، فضلاً عن أذرع إعلامية لمجاميع مسلحة في العراق لطالما أضرت بالأمن المجتمعي العراقي وحرضت أو شجعت على استهداف صحفيين واعلاميين ومعارضين لخطاب أحزاب السلاح و النهج المتطرف في العراق”
تطبيق تلغرام الذي اتخذت الحكومة قراراً بحجبه لأسباب أمنية، يراه مراقبون ومحللون بعضهم مقربون من الحكومة جاء بسبب قنوات في تلغرام تنشر معلومات و بيانات العراقيين كافة بكبسة زر فقط، وهذا الامر فيه خطورة امنية في حال ثبت صحة وجود هكذا قنوات، على الرغم من أن هكذا قنوات من الممكن أن تكون ايضاً في باقي مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك و الواتساب وتستطيع نشر هكذا بيانات وليس فقط في التلغرام، فهل يتم غلق جميع مواقع التواصل الاجتماعي بسبب ذلك، بدلاً عن الوصول للمتسببين بنشر هكذا بيانات ؟
تخوف من مرحلة تكميم الأفواه
فضلاً عن معارضة المنصات المؤيدة للحكومة والتابعة للاطار التنسيقي لقرار حجب تلغرام، فإن المنصات المحسوبة على المعارضة العراقية، (( والتي وصف أحد الكتّاب المقربين من الحكومة والإطار بأن لا وجود لمعارضة عراقية وهم مجرد عملاء لاسرائيل ومخابرات دولية ويجب ملاحقتهم من جهاز الأمن الوطني ))، هذه المنصات المعارضة للوضع السياسي حالياً واغلبها تابعة للتيار الصدري أو لقوى مدنية، رأت أنها ترسيخ لتكميم الأفواه ومنع وصول المعلومة او الرأي المعارض لعموم العراقيين ومحاولة لمنع أي تحشيد للرأي العام ضد سياسات الحكومة الحالية خصوصاً بعد الانتكاسات في ملفاتٍ عدة، منها ملف الدولار والكهرباء.
حيث يرى مراقبون، أن الحكومة تحاول ان تسمع فقط صدى صوتها و صدى صوت مؤيديها فقط لا غير، وهو عكس متبنيات النظام الديمقراطي الذي على أساسه كُتب الدستور العراقي والذي يمنع تكميم الأفواه ويعطي للجميع حرية الرأي والتعبير دون استثناء، أبرز هذه المواقف الرافضة والقلقة من هذا القرار، جاء على لسان ( مركز النخيل للحقوق والحريات الصحفية ) وهو مركز عراقي للدفاع عن الحريات الصحفية وحرية التعبير، حيث أعرب المركز عن قلقه البالغ ازاء حجب او ضعف منصة تلغرام وقال في البيان الذي نشره المركز المذكور، “أن محاولات التضييق وتكميم الافواه باتت مكشوفة، خصوصاً بعد غلق متعمد لصفحات اعلاميين وناشطين على الفيسبوك في الاسابيع والاشهر الماضية، وجدد المركز في ختام البيان، دعوته للحكومة بضرورة احترام الحريات العامة ودعا الجهات المعنية لتنظيم العمل الرقمي والكف عن أساليب تكميم الأفواه وتقييد الحريات العامة عبر تطويع بعض نصوص القانون في هذا الشأن”.
من جهة اخرى، سخر مغردون ومدونون على هذا القرار، حيث اعتبر البعض أن قرار الحجب ينتهي مفعوله بكبسة زر على برنامج vpn الذي يكسر حجب البرامج كافة ويستخدم في إيران كذلك والتي يعاني المواطنين فيها من ضعف خدمات الإنترنت اصلاً بسبب تقييد الحريات، ورأى مغردون آخرون أن حجب التلغرام ربما سيتبعه حجب باقي مواقع التواصل الاجتماعي وضعف الانترنت كما في ايران، وذلك لمواجهة أي رأي عام ضاغط بالضد من الطبقة السياسية الحالية!