النخيل نيوز
آراءنيوز بار

في يوم واحد التقيت لأول مرة بصدام والقذافي


محسن حسين
في العام 1969 التقيت بحكم عملي الصحفي لأول مرة وفي يوم واحد بكل من صدام حسين ومعمر القذافي.
ولهذا اللقاء حكاية من ذكرياتي الصحفية.
كان ذلك اللقاء يوم 14 ايلول من عام 1969.
قبل يوم واحد بينما كنت في عملي معاونا لمدير عام وكالة الانباء العراقية (واع) اتصل بي المدير العام للاذاعة والتلفزيون محمد سعيد الصحاف وقال لي استعد لسفرة غدا صباحا وخذ معك جواز سفرك وبجامة لان السفرة تستغرق كم يوم ورفض ان يعطيني اية معلومات عن وجهة السفر ومع من. كل ما قاله لي تعال الساعة 6 صباحا الى مطار الرشيد العسكري.
في الوقت المحدد كنت هناك ورأيت حشدا من المسؤولين ابرزهم نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية صالح مهدي عماش. وكان هناك الصحاف الذي همس باذني حتى لا يسمع الاخرون اننا مسافرون الى ليبيا بوفد للتهنئة بالثورة التي وقعت هناك في اول الشهر.
بعد قليل جاء صدام حسين فعلمت انه سيكون رئيس الوفد وبصراحة شعرت بالخوف لهذه المفاجأة لكني شجعت نفسي لان العمل الصحفي يتطلب المخاطر.
لم اكن بعثيا ولم افهم اول الامر لماذا اخترت لاكون مع صدام حسين في اول سفر له الى الخارج وفي السنوات اللاحقة تكرر اختياري لاكون معه لتغطية اخبار زيارتيه الى الاتحاد السوفياتي عامي 1971 و1972 ومباحثاته التي اسفرت عن توقيع معاهدة صداقة بين البلدين.
وقبل ان نستقل الطائرة فهمت ان (صالح مهدي عماش) قد وضع خطة لنقل الوفد تحول دون تعرض الطائرة لهجوم من اي جهة معادية.
فوجئت ان الطائرة عسكرية من طائرات نقل الجنود والعجلات ولا توجد فيها غير ما يشبه الغرفة ومساطب حديدية على شكل مربع جلس كل اعضاء الوفد مقابل بعضهم البعض.
كان في الوفد من الوزراء عبد الكريم الشيخلي (الخارجية) سعدون حمادي (النفط) وشفيق الكمالي (الاعلام) ووكيل وزارة الداخلية ورئيس اتحاد الجمعيات الفلاحية وطاهر احمد امين الذي كان جالسا الى جانب صدام ويحيطه بيده فهمت انه من المقربين له. ( بعد سنوات قتل واعدم كل من الشيخلي والكمالي وطاهر).
وحسب خطة عماش كان خط طيراننا عبر السعودية ثم السودان ثم القاهرة حيث هبطت الطائرة لنحو نصف ساعة ثم اقلعنا الى بنغازي في ليبيا.
عندما نزلنا من الطائرة لم يكن لدينا اي علم باسماء القائمين بالثورة وكان في استقبالنا رئيس الوزراء محمود سليمان المغربي الذي عين بهذا المنصب قبل وصولنا باسبوع وشغله مدة اربعة اشهر فقط.
وكان بين مستقبلينا جنود ساعدونا في حمل الحقائب واذكر ان الكمالي طلب من احدهم ماء فذهب الجندي وجاء بالماء لكن المفاجأة ان هذا الجندي تراس في وقت لاحق بعد وصولنا الوفد الليبي واسمه (عبد السلام جلود) الذي اصبح الرجل الثاني بعد القذاقي وتولى مناصب عديدة بينها رئيس الوزراء. وعلمنا بعد ذلك ان القائمين بالثورة نزعوا رتبهم وظهروا كجنود ربما لاسباب امنية خاصة اننا عندما وصلنا بعد اسبوعين من الثورة لم يكن احد يعرف القادة الجدد. وفي المساء حدد لنا موعد لقائد الثورة في قاعة شبه مظلمة في احد فنادق بنغازي.
وكنت بحكم عملي الصحفي واحدا من ثلاثة رافقوا صدام للقاء الرجل وقيل لنا ان اسمه معمر القذافي وهو قائد الحركة التي اطاحت بالنظام الملكي الليبي. واذكر تماما عندما صافحته انه كان متعبا لم يحلق وجهه وملابسه العسكرية (بدون رتبة) تدل على انه لم يستبدلها منذ ايام.
وهكذا كان يوم 14 ايلول 1969 اليوم الذي قابلت فيه لاول مرة كلا من صدام حسين ومعمر القذافي .
وقد لا يعلم الكثيرون ان اسم رئيس الوزراء الليبي الذي اطاحت به الثورة هو (ونيس القذافي) وكان قد تولى المنصب قبل عام واحد ( منذ 4 ايلول 1968 الى 31 اب 1969) ولم اجد ما يفيد بصلة قرابة بين ونيس القذافي ومعمر القذافي رغم لقب القذافي الذي يجمعهما.
وخلال الايام التي قضاها الوفد بعد ذلك في العاصمة طرابلس تاكد للوفد ولرئيسه صدام حسين ان المصريين سبقونا بوفود على مستوى عال ومن بين الموفدين المصريين محمد حسنين هيكل.
في تلك الفترة وكان قد مضى 14 شهرا على تولي حزب البعث الحكم في العراق كان يتردد في الاوساط الصحفية ان صدام حسين يشغل منصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة لكن ايا من الصحف لم تذكر ذلك.
في الاخبار التي ارسلتها من ليبيا في اليوم الاول كتبت اسم صدام حسين مقرونا بمنصب نائب رئيس مجلس قيادة الثورة بناء على طلبه شخصيا لكن الذي حدث ان بغداد حذفت ذلك واستبدلته بعضو مجلس قيادة الثورة واذكر ان صدام انزعج من هذا التغيير فاستفسرت من الوكالة فقالوا لي ان الرئيس احمد حسن البكر هو الذي امر بذلك.
خلال الزيارة عرض الوفد تقديم كل ما يطلبه الجانب الليبي من مساعدات وخاصة في مجال اعادة تنظيم الدولة.
قبل يوم من سفر الوفد وكنا مجتمعين ومعنا اعضاء السفارة العراقية ابلغنا صدام حسين بان الليبين طلبوا بقاء ثلاثة من اعضاء الوفد كنت واحدا منهم للاستعانة بهم وبخبراتهم في تنظيم العمل في بعض المؤسسات الحكومية.
طلبوني لدراسة وضع الوكالة الليبية التي تاسست عام 1964 وكانت متخلفة فنيا وصحفيا وهي سابع وكالة عربية يتم تاسيسها بعد الوكالات المصرية والعراقية والمغربية والجزائرية والتونسية واللبنانية.
وطلبوا محمد سعيد الصحاف لدراسة وضع الاذاعة والتلفزيون وتطويرهما وطلبوا وكيل وزارة الداخلية لوضع خطة لتغيير النظام الاداري المحلي كالمحافظات وتوابعها.
وامر صدام حسين السفير العراقي ان تنفق السفارة ما يتطلبه بقاؤنا في ليبيا وحجز بطاقات عودتنا بعد انتهاء المدة حسب رغبتنا، وقد تم ذلك وكان طريق عودتنا عبر روما في ايطاليا ثم بيروت في لبنان قبل عودتنا نحن الثلاثة الى بغداد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *