النخيل نيوز
آراءنيوز بار

في مثل هذا اليوم امر الرئيس البكر فصلي من وظيفتي في واع


محسن حسين
في مثل هذا اليوم من عام 1971 ( قبل 52 عاما) قرر الرئيس العراقي احمد حسن البكر فصلي من وظيفتي معاون المدير العام لوكالة الانباء العراقية (واع) التي كان لي الشرف ان اكون احد مؤسسيها.
وقدعثرت في اوراقي التي سلمت من الضياع على صورة الخبر الذي نشرته في وكالة الانباء العراقية (واع) في تلك الايام وكاد ان يؤدي بي الى الاعدام بأمر من الرئيس احمد حسن البكر.
الخبر يتعلق بفشل محاولة الانقلاب في المغرب ضد الملك الحسن الثاني اثناء احتفاله بعيد ميلاده يوم 10 تموز 1971 في قصر الصخيرات وهو خبر تناقلته كل وكاللات الانباء ووسائل الاعلام المغربية لكن المشكلة كانت في الخلفية التي كتبتها في اخر الخبر كما هي العادة في تحرير الاخبار.
كنت في ذلك الوقت معاونا لمديرعام واع ونائب رئيس التحرير وعندما جاءت اخبار محاولة الانقلاب تركت مكتبي في الطابق الرابع في مبنى واع القديم على شارع أبي نؤاس وأنتقلت إلى قاعة التحرير في الطابق الأول لأتولى بنفسي الأشراف على الأخبار أو إعدادها للبث في نشراتنا الموجهة إلى الصحف والإذاعة والتلفزيون، وبقيت أتابع أخبار الانقلاب من وكالات الأنباء والإذاعات ومراسلي وكالتنا حتى الساعة الخامسة فجر اليوم التالي اضاقة الى تبليغ الجهات الرسمية بالتطورات. وسهرنا في تلك الليلة الى ساعة مبكرة من فجر يوم 11 تموز عندما جاءت الاخبار بفشل محاولة الانقلاب فكتبت الخبر والحقته بتلك الخلفية.
خلال تلك الساعات تلقينا عدة مكالمات (على التلفون الحكومي) من الرئيس البكر ونائب رئيس مجلس قياة الثورة صدام حسين عن التطورات وعن الوزير سعدون غيدان الذي كان في طريقه الى المغرب في زيارة رسمية وانقطعت اخباره بانقطاع الاتصالات بالمغرب.
كان خبر الانقلاب من الأخبار الاعتيادية وقد ورد في معظم وكالات الأنباء والإذاعات. وبعد نشره في نشرة الوكالة أذيع من إذاعة بغداد ونقلته الصحف العراقية جميعها بما في ذلك الخلفية مما يؤكد أن الخبر لا يتعارض مع السياسة الإعلامية للعراق.
وخلال اليومين التاليين هاجمت الصحف العراقية ومنها بشكل خاص صحيفة الثورة ومجلة ألف باء الجنرال أوفقير.
بعد ثلاثة أيام اتصل بالوكالة عبد الكريم الشيخلي وزير الخارجية في عهد الرئيس احمد حسن البكر، استفسر أول الأمر عن الصحفي الذي حرر الخبر، وأبدى تفهمه لما جاء فيه لكنه قال إن الحجي (أي الرئيس ) غاضب جدا وانه سيتصل بكم بعد قليل ويوجه عقوبة لكاتب الخبر والذي نطلبه تنفيذ العقوبة دون اعتراض وسنعمل فيما بعد على إلغائها، وقد فهمنا إن الشيخلي كان يتحدث باسم صدام حسين الذي كان نائبا للبكر في مجلس قيادة الثورة.
وبعد دقائق اتصل الرئيس البكر وكان غاضبا بالفعل وأمر أن اذهب إلى وزارة الأعلام لاستلام أمر فصلي مهددا إن من يكرر مثل هذا الخبر سأرسله إلى ناظم كزار ( ناظم كزار هو مدير الأمن العام وهذا التهديد يعني الإعدام على الأغلب).
ذهبت في الحال إلى وزارة الثقافة والإعلام لتسلم أمر فصلي من الوزير المرحوم شفيق الكمالي ولكنني وجدت إن أمر الفصل قد خفف إلى “أمر تنسيب” للوزارة لمدة ستة أشهر أي العمل فيها، ثم لم البث سوى فترة قصيرة حتى أوفدت مع الزميل كمال بطي سكرتير تحرير صحيفة بغداد اوبزرفر إلى ألمانيا الديمقراطية للمشاركة في دورة للقيادات الصحفية عقدت في كلية التضامن لمدة ثلاثة أشهر، وعند عودتي اتصلت بمكتب صدام للتذكير بقضيتي، وهكذا صدر أمر بإعادتي إلى الوظيفة دون علم البكر وذلك في أواخر عام 1971 أي قبل انتهاء مدة العقوبة وبعد عام واحد نقلت إلى مصر للعمل مديرا لمكتب وكالة الأنباء العراقية هناك.
ولم اعرف سر ما جرى لي بسبب أوفقير وقد قيل في حينه أن الحكومة المغربية احتجت على الخبر باعتباره يسيء إلى شخصية مقربة من الملك الحسن الثاني، كما قيل إن صداقة تربط البكر بسفير المغرب د عبد الهادي التازي وان السفير نبه إلى أن هذا الخبر قد أزعج الملك.
وتشاء الأقدار بعد سنوات قليلة إن الجنرال أوفقير دبر انقلابا ضد الملك ولقي في حينه مصيره الذي يستحقه.
وهذا هو نص الخلفية التي كتبتها وللتاريخ فان ما حدث كان يبين الازمة المخفية بين البكر وصدام لكن صدام حسين اراد تنفيذ اوامر البكر ومعالجة الموقف بعد حين عندما ينسى الرئيس الحادث وهو ما حدث.
((ان فشل الحركة العسكرية امس قد ادى الى ازدياد نفوذ الجنرال محمد اوفقير وزير الداخلية الذي ادعى على الفور ان الملك قد خوله جميع السلطات في البلاد.
والمعروف عن اوفقير البالغ من العمر /51/ عاما انه الساعد الأيمن للملك وانه الشخص الذي مارس اقسى انواع الاضطهاد ضد العناصر الوطنية في البلاد وكان المتهم الاول في قضية اختطاف زعيم المعارضة المهدي بن بركة وقتله عام 1965 وبالرغم من ذلك فقد ابقاه الملك في منصبه وقربه اكثر من السابق.
ويقول المراقبون ان حركة 10 تموز رغم فشلها فانها اشارة واضحة الى عدم استقرار النظام في المغرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *