د عماد جاسم
لم يعد الخبر الصحفي أو المقال أو التحقيق، هو المعول عليه في ايصال الحدث في ظل تنوع الوسائل والاساليب وتغير الامزجة في التلقي، وها نحن نلاحق الانجاز الحكومي أو تصريحات الدولة وتعليماتها، إضافة إلى الفعل الاجتماعي والثقافي، من خلال نوافذ التواصل الاجتماعي، مع تسيد الاعلام الرقمي من صورة ناقلة وفيديو سريع، يرافقه تعليق من أشخاص متحمسين أو منفعلين، يضعنا في حيرة التصديق وسط فوضى عارمة من تزاحم الميديا وتضارب النوايا! الأمر الذي يجعل المتتبع الحصيف مسكونا بالتوجس والشكوك جراء أبسط الأحداث، فهنا افتتاح حكومي لمرفق أو مؤسسة أو مجسرات أو شوراع، تلاحقه كاميرات القنوات (والبلوكرية) المنتدبين من الحكومة، لتجميل الواقع بانتقاء صورة مبهرة وخطاب اعلاني يقترب للسذاجة! وهو ما يرفع من مناسيب الخيبة وغياب الثقة بين المتلقي والخطاب الحكومي، اذا ما عرفنا أن البلاد تمر بأزمات متعددة تتطلب الشفافية المتعقلة، وعدم الترويج لمنجزات بسيطة لا تلامس جرح العراقيين وكرامتهم.
وهنا لا بد لنا أن نذكر أن في ذلك تأثيرا عكسيا على المواطن الذي ينتظر خطابا يحترم عقله، فالفساد يؤشر لتفاقم العدالة الاجتماعية ليست ضمن الاولويات، والتعليم والخدمات والثقافة تنتظر الاسعافات الحقيقية.. كل ذلك يجعلنا أمام مسؤولية ملاحقة الحدث بالكشف والتحليل والنقل الموضوعي لعقول وخبرات وطنية، تتسمم بالموضوعية والحرفية، التي تهدف إلى احترام أخلاقية المهنة، دون أن نعول على ناقلي الحدث بشكل كارتوني، أو أصحاب محتوى يتقاضون رواتب في اعلانات لا تصلح أن تكون خطابا اعلاميا ناضجا، حيث الافتقار للدقة وتكرار مفردات شعبوية مع فيديوهات متسارعة وأصوات وحركات مستهجنة تعلن عن مشاريع أعمار وبناء، كلنا ننتظرها بمحبة، على أن تكتسب أهميتها وقيمتها بصدق نقل أحداثها، وتفعيل الروح الموضوعية والعقلانية في خطاب إعلامي محترم.
المصدر: صحيفة الصباح