عدنان أبوزيد
أطلَّ رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، كفارس من زمنٍ نقي، يحمل بين يديه أوراق الذمة المالية كوثيقة نورانية، متقدماً بخطوات واثقة إلى هيئة النزاهة، وكأنما يسير على دربٍ من ضياء.
لم يكن هذا المسار مجرّد إجراء رسمي أو التزام قانوني شكلي، بل هو فصل جديد يُضاف إلى ملحمة النزاهة والشفافية في أرض أنهكتها دوامة الفساد المتغولة.
في عراقٍ يصارع فيه القضاء أفعى متعددة الرؤوس، تحاول اختراق جسد الدولة، كانت خطوة زيدان بالكشف عن ذمته المالية في مطلع العام 2025 بمثابة شعلة مضيئة في نفق مظلم، توقد الأمل وتعيد الثقة.
لم يكن هذا الفعل مجرّد امتثال للقوانين، بل كان شهادة ناصعة على أن رجل القضاء الأول لم يكتفِ بأن يكون حارس العدالة، بل أراد أن يكون رمزًا لتجسيدها.
تعرّض مجلس القضاء الأعلى لسيلٍ من الهجمات الضارية، كسهامٍ مسمومة تهدف إلى فرملة قطار العدالة وإغراقه في مستنقع الفوضى، لكن زيدان، بمهارة قبطان أسطوري، أمسك بدفّة السفينة في محيطٍ متلاطم، محافظاً على توازنها، ومانحاً القطار مسامير القيادة الواعية لتظلّ السكة راسخة مهما هبت العواصف.
خطوة زيدان لم تكن استعراضاً، بل كانت انعكاسًا لروحٍ مؤمنة بأن النزاهة ليست شعارًا يُرفع، بل عقيدة تُمارَس.
القيادة الحقيقية تبدأ حين يتوحد القول مع الفعل.