في ذروة انشغال المجتمع بقضية العنف ضد المرأة وتصدرها نشرات الاخبار واهتمامات الناشطين، بدأت قضية اخرى على النقيض تزاحم الأولى وتكسر احتكار الرجال لممارسة العنف ينتقلوا من صفة الجلاد الى الضحية.
“العنف ضد الرجال” الذي بدأ كمصطلح مثير للسخرية والتهكم، الا ان تكراره جعل منه يتحول الى أمر واقع، وبات ناشطو المجتمع المدني يبحثون عنه وسط زحمة الاحداث وكثرة المانشيتات.
بإمكان اقليم كردستان العراق ان يعلن انه موطن العنف ضد الرجال فأولى الحالات واغلبها بل جميعها سجلت وتسجل في مدن الإقليم. اتحاد الرجال في كردستان يؤكد أن حالات العنف ضدّ الرجال بلغت ابتداء من عام 2014 حتى نهاية 2020، ما مجموعه 3797 حالة، وبلغت حالات الانتحار 568، فيما وصل عدد الرجال الذين قتلوا من قبل زوجاتهم نحو 42 رجلا.
وتأتي الأزمتان الاقتصادية والسياسية بالإضافة إلى الدور السلبي للإعلام وغياب القانون في مقدّمة الأسباب التي أسهمت في زيادة حالات العنف الأسري بشكل عام، وضدّ الرجل بشكل خاص في كردستان، مع تخوّف بأن يتحوّل العنف من “حالة” إلى “ظاهرة” عامّة تُهدّد المجتمع والنسيج الأسري في الإقليم.
تنوّعت حالات العنف التي تعرّض لها الرجال، وتراوحت ما بين العنف الجسدي والنفسي والجنسي بالإضافة إلى الضرب والطرد من البيت والخيانة الزوجية مع تدخل أقرباء الزوجة في العلاقة الزوجية ومنع الزوج من رؤية الأطفال.
وفي 2021 رصد اتحاد رجال كردستان 463 شكوى وحالة من العنف ضدّ الرجال. رئيس الاتحاد برهان علي فرج كشف عن تسجيل 54 حالة انتحار للرجال و6 حالات قتل على يد الزوجة أو بمساعدة آخرين سواء من ذويها أو “العشيق” في العام نفسه.
وتقدّمت محافظة السليمانية عن مدن الإقليم الأخرى في تسجيل شكاوى العنف ضد الرجال، إلا أن أربيل وغيرها تصدّرت محافظات كردستان بحالات القتل والانتحار. ويرجع فرج اسباب ذلك إلى الطبيعة الثقافية المنفتحة أكثر في السليمانية عن المناطق الأخرى، وهذا ما يُساعد الرجال على تسجيل حالات العنف ضدّهم باستمرار.
ومن حالات العنف الغريبة التي رواها فرج، هو ذهاب أحد الأزواج لأخذ ابنته إلى المستشفى من داخل بيته بعد أن غادره بسبب مشكلة عائلية مع زوجته، إلا أن الزوجة قامت برفع دعوى قضائية ضدّه بـ”تهمة” أنه جاء لقتلها وأودع في السجن بسببها لكن تمّ الإفراج عنه بكفالة.