“اش .. حرية التعبير!” بقلم .. الصحفية زينب ربيع
ما هي حرية التعبير، وما هو خطاب الكراهية، ما هو تكميم الأفواه، وما الفاصل بين الحرية والفوضى، متى تصبح الحرية فوضى، ومتى يتحول التنظيم والتقنين للحرية الى دكتاتورية وتقييد؟
أسئلة لطالما خطرت في بالي وربما في بال الكثير وهم يقرأون ويسمعون عن حرية الرأي والتعبير وانتشار خطاب الكراهية والتحذير من الافلات والفوضى في الفضاء الالكتروني لكنهم يتراجعون ادراجهم بعد ساعة من الحيرة ليجدوا أنفسهم أمام دوامة من التعريفات الفضاضة والمصطلحات المطاطية.
صراع محتدم داخل مخيلتي الصحفية بين حلم المساحة التي أحلم بها من الحرية لأعمل بكامل شغفي، وبين رغبةٍ عراقية خالصة بمكافحة البعوض والذباب الإلكتروني الذي لا يمتلك سوى الطعن بالأعراض والسباب والشتم، صراع لم يعرف الحسم بعد.
نعم، لم يعرف الحسم لأنه لا ضابطة محددة تحدد الايقاع، ولا تعريف يضع حدًا للأسئلة السائبة وللتأويلات أوزارها التي اثقلت العراقيين وشغلت الصحفيين وأرهقت الناشطين واصحاب الفكر والرأي.
اليوم واذ يشهد مجلس النواب مناقشات مستفيضة بشأن قانون جرائم المعلوماتية وحرية التعبير الذي يرمي بحسب من يدفع باتجاه تمريره الى الحد من الجرائم المعلوماتية وتهديد امن الدولة القومي والتجارة بالمواد الممنوعة وكذلك انتهاك خصوصية المواطنين.
كيف للمشرع الذي أخفق وعلى مدى دورات متعاقبة بحسم الجدل حول قوانين تسير العلاقة بين المركز والاقليم مثلا أو تلك التشريعات التي تدعم الاستثمار والتنمية بأن يمسك العصا من المنتصف ويخط الحدود الفاصلة بين الحرية والتجاوز على الحرية، كيف يمكن تخيل المستقبل بعد تمرير ذلك القانون بحاضر يحاصر الكلمةَ فيها السلاح المنفلت من جهة وسطوة العشيرة من جهة اخرى، كيف سيكون حال السجون التي تعج بالمظلومين وضحايا الدعاوى الكيدية والمغيبين، هل ستتسع لأعداد إضافية من المشاكسين أو الى الذين لامست أيديهم الأصنام.
ما عاد العراق يحتمل تمديداً لشوطٍ اضافي من الترهيب، ولم نضحِ بكل تلك السنوات والشهداء لنرمم الزنزانات الحمراء ونملأ أحواض السباحة بماء النار.
الجيل الذي واجه الرصاص في التحرير والخلاني وقبل ذلك مفخخات داعش في ساحات القتال لن يقبل ان يوضع بين معادلة “اش” او تخويفه بترنيمة “الحايط له اذان”، فالجدار انقض والاذن تمردت على سماع محرمات الدكتاتورية.