النخيل نيوز
آراءنيوز بار

عن المرأة التي حررّت شبكة الإعلام العراقي من أخبار الرئيس

مجاهد ابو الهيل

وأنا في الطريق لتقديم واجب العزاء لرئيس الوزراء الأسبق الدكتور حيدر العبادي بوفاة والدته رحمها الله وأسكنها فسيح جناته، تذكرتُ الموقف الذي أنقذ شبكة الإعلام العراقي وخطابها السياسي من سلطة المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء الذي كان ومازال يوجّه خطاب الشبكة والعاملين فيها يميناً وشمالاً حسب موجة الحكومة التي تتحرك حسب التوقيت الرسمي لساعة الرئيس.

اتصل بي رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة آنذاك الدكتور حيدر العبادي بعد الساعة الثامنة مساء، أي أثناء نشرة الأخبار الرئيسية، كنتُ يومها رئيساً لمجلس أمناء الشبكة، وكنتُ منشغلاً بغسل ملابسي ولم أنتبه للهاتف، عاودتُ الاتصال بالرئيس العبادي وبعد أداء التحية، قال لي :

  • “أخ مجاهد، أنا الآن في بيت والدتي وكنا نشاهد نشرة أخبار العراقية التي توالت فيها أخباري خبراً تلو الآخر لدرجة أنني خجلت من والدتي التي انتقدت هذه الطريقة بنشر أخبار الرئيس وقالت لي، أنا أمك ولم اتحمل كل هذه الاخبار فكيف بالمشاهدين من الشعب ؟”.
    قلتُ له :
  • ما قالته الوالدة عين الصواب، انا اتفق معها وانت لا تحتاج لهذه الطريقة بالتسويق، فلو خرجت لشرب الشاي في مقاهي الكرادة لتحول خبرُ شربك للشاي إلى ترند من خلال هواتف المواطنين، فكيف بك وأنت تقود معارك تحرير العراق من العصابات الارهابية وتعلن انتصارات المدن على التنظيم مدينة تلو الأخرى.

حينما أصبحتُ رئيساً للشبكة بعد فترة استلهمتُ رؤية والدة العبادي في التعامل مع أخبار الرئيس لتحرير خطاب الشبكة من تلك الاخبار واعتماد أولوية الخبر حسب الموضوع وليس حسب الشخص، ومع ذلك كانت حصة العبادي منها كبيرة لكونه يقود معركة التحرير ويعلن انتصاراتنا التي صنعتها سواعد العراقيين جميعاً.
تحرّر خطاب الشبكة بشكل كبير من وصايا المكتب الإعلامي للحكومة وتعالت في قنوات العراقية أصواتُ المعارضين واستمع المسؤولون لصرخات الشباب في ساحات التظاهر وتظاهر العاملون في قناة الدولة ضد الفساد.

هذا ليس إطراء بالعبادي إنما استذكاراً لامرأة ودعت اثنين من أبنائها إلى المقابر الجماعية، إمرأة تمتلك من الحكمة ما يكفي لتنقذ سياسة إبنها الذي أصبح رئيساً للحكومة العراقية.

وهنا أجد من المناسب، القول لمن لا يعرف نوع علاقتي بالعبادي الذي يحسبني الكثيرون عليه معتقدين أنني أعمل معه في حزبه السابق “حزب الدعوة الإسلامية” أو تياره السياسي اللاحق “النصر”، أقول لهم أن علاقتي بالرجل لا تعدو كونها علاقة وظيفية انتهت بنهاية خروجه من السلطة وإقالتي من الوظيفة، وحتى بعد عودته كشريك في قيادة الإطار التنسيقي إكتفي بالتفرج عليَّ وهم يستبدلونني بمن هم أدنى مني تجربة وخبرة بمرشحين من أحزابهم لمجرد عدم انتمائي لحزب وعدم وجود من يدافع عن بقائي بوظيفتي بينهم.

رحم الله المرأة الصالحة التي أنجبت اثنين من شهداء الوطن وحفظ الله الدكتور حيدر العبادي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *