بقلم زينب ربيع
رُغم هزيمته الظاهرة ونهايته الباهتة، يظل نظام بشار الأسد تهديدًا محتملًا قد يتسبب في كارثة إنسانية واسعة النطاق حتى في غيابه. فمنذ السنوات الأولى لحكمه، امتلأت سجونه بالأبرياء والمتهمين على حد سواء، بينهم ناشطون سياسيون ومعتقلون بلا ذنب، جنبًا إلى جنب مع إرهابيين وأصحاب سوابق خطيرة. ومع انهيار النظام أو تراجع قبضته، بدأت هذه السجون تتحول إلى قنبلة موقوتة.
عدد كبير من هؤلاء السجناء، سواء كانوا أبرياء أو مجرمين، وجدوا أنفسهم خارج القضبان، هاربين من مصير مجهول. وبينما يحمل البعض منهم مظلومية حقيقية قد تدفعهم للانتقام، فإن آخرين متورطون في جرائم دموية، سيبحثون عن الفرار والاختباء، متسببين في صراعات اجتماعية جديدة قد لا تحلها العشيرة ولا القانون ليكون الانتقام حينها سيد المواقف كلها وهذا المرعب في السيناريو المحتمل اليوم المقبل من نشوة النصر الكبير على الأسد الصغير.
أزمة التداخل بين الضحية والجلاد ستخلق واقعًا معقدًا بين السوريين. البعض سيُلاحق كمجرم بينما هو في الحقيقة ضحية. وآخرون ستتم ملاحقتهم بعد أن تلطخت أيديهم بالدماء، ما يفتح الباب لصراعات عرقية واجتماعية متجددة، خصوصًا في ظل غياب أي نظام عدالة قادر على التمييز بين الجاني والبريء.
إن نظام الأسد، رغم تلاشيه، سيظل شبحاً لعيناً وسببًا لجراح عميقة لا تلتئم بسهولة، وستبقى ممارساته القمعية عبئًا ثقيلًا على السوريين لسنوات قادمة. المشهد يتطلب استجابة إنسانية عالمية عاجلة، وإطار عدالة شاملة لضمان حقوق الأبرياء ومحاسبة المذنبين، قبل أن تتفاقم الأزمة وتتحول إلى كارثة إنسانية جديدة تُضاف إلى سجل مآسي الشعب السوري لكن الامل يبقى بحكمة الشعب السوري بكسب رهان العالم عليه وتجاوز كل هذه التحديات.