النخيل نيوز
آراءنيوز بار

الديمقراطية والصحافة

حسن العاني

على مدى العشرين سنة المنصرمة، لم يعرف أغلبنا شيئاً عن الديمقراطيَّة سوى انها (انتخابات) برغم كثرة وتعدد الانتخابات، وواضحٌ بأنَّ (البرلمان ومجالس المحافظات) هما الوحيدان اللذان حظيا بشهرة واسعة الى الحد الذي توهمتْ فيه الناس بأنَّ الديمقراطيَّة هي حصول المواطن كل أربع سنوات على يوم عطلة، لا يغادر فيه البيت، ويستمتع بالراحة والنوم إذا لم تكن لديه رغبة المشاركة في (الأعراس الانتخابيَّة)، لأنَّ من منحهم صوته في مراتٍ سابقة، لم يقوموا ولو لمرة واحدة بزيارة محلته والوقوف على احتياجاتها، وقد تأخذه الحماسة فيتأنق ويقصد المركز الانتخابي، ضارباً عرض الحائط تلك المزاعم التي تتحدث عن التزوير والتلاعب بالنتائج!

على أية حال، شعبنا حُرِمَ من الديمقراطيَّة، ولم يكن لديه إرثٌ ديمقراطي، ولذلك ظلَّ بعيداً عن استيعاب الديمقراطيَّة على أنَّها نظامٌ حياتيٌّ شامل، وأنَّها الأكثر احتراماً والتزاماً بالقوانين، وأنَّ السلاح المنفلت والرشوة وسرقات القرن والاستئثار بالسلطة و.. و.. هي أعدى أعداء الديمقراطيَّة.

يعدُّ الصحفيون تاج الديمقراطيَّة، والمعبّرَ عن جوهرها، ولكنَّ المفارقة الغريبة أنَّهم الشريحة الأكثر عرضة للإهانة والضرب والاعتداء، والأغرب أنَّ من يعتدي عليهم نفرٌ من زعاطيط الحمايات، وقمة الغرائب تتمثل في أنَّ هؤلاء الزعاطيط هم حمايات المسؤولين، وأحياناً كبار المسؤولين في البلد، أعني بالذات المسؤولين عن الديمقراطيَّة وحمايتها وتطبيقها، ولكي نُجنب الإعلاميين بصورة عامَّة، والصحفيين بصورة خاصة مخاطر الاعتداءات باليد أو اللسان، ونصون كرامتهم وهيبتهم، أقترح أمرين، أحدهما إنزال أقسى العقوبات التأديبيَّة بمن يتطاول أو يعتدي، والآخر – وهو المهم جداً – صرف مبلغٍ قدره (150) ألف دينار شهرياً لكل صحفي تحت باب (مخصصات مخاطر المهنة)، وبهذه المناسبة أنصح الحكومة أنْ تأخذ به، ولا تجفل من الرقم، فهي لكي تدرسه يجب أنْ تُحيله الى لجنة متخصصة، كما يجب الاستئناس برأي وزارة الماليَّة والتي تتولى بدورها تشكيل لجنة لدراسته من كل الجوانب، ولكي يصل المقترح الى البرلمان وتجري قراءته قراءة أولى وثانية، ولكي يكتمل النصاب، ولكي يُعرض للتصويت، تكون قد انصرمت 4 سنوات، وسوف ترى رئاسة المجلس (بعد 4 سنوات بالطبع – وهي رئاسة جديدة) أنَّ العراق استعاد عافيته وديمقراطيته وقوته ولن يتساهل مع أي اعتداءٍ أو معتدٍ حتى لو كان من الحماية، وبالتالي لا يوجد مبررٌ لتبديد الثروات على حياة الصحفيين بحجة المخاطر، وعندها سيتمّ التصويت ضد المقترح بالإجماع، وهي أول حالة يتفق عليها أعضاء البرلمان المختلفون في كل شيء وعلى كل شيء!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *