النخيل نيوز
في سياق متصلنيوز بار

تقرير صحفي يفصل اسباب منع منصات التواصل الاجتماعي للسردية الفلسطينية 

تتحدث المؤثّرة على مواقع التواصل الاجتماعي وردة بو ضاهر، وهي أخصّائيّة نفسية وناشطة اجتماعيّة، عن أن حسابها على إنستغرام يتعرّض حالياً لحجب الظهور الجزئي shadow ban.

تقول المؤثرة التي لديها نحو 40 ألف متابع، والتي تنشر محتوى خاصاً بالتوعية على الصحة النفسية، إن المنشورات المتعلّقة بتاريخ فلسطين والاحتلال الإسرائيلي، والتي تعرض أرقاماً عن الحرب الحالية، لا تحصل على نسبة مشاهدة عالية كما تلك التي لا تعرض هذا النوع من المحتوى، حتى وإن تمّ عرضها في الوقت نفسه. المقاطع التي كانت تنشرها على صفحتها، والتي كانت تصل إلى نحو أكثر من 800 ألف مشاهدة في السابق، باتت تحصل على نحو ألفي مشاهدة فقط. تظهر لوردة بو ضاهر إشارة تفيد بأنّ حسابها مقيّد لخرقه إرشادات ميتا، ما يؤدّي إلى حجب منشوراتها على الرغم من محاولتها التحايل على الخوارزميات.

ففي ظل الحرب الحالية التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزّة، كردّة فعل على عمليّة “طوفان الأقصى”، تشهد منصّات التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تويتر وإنستغرام)، حرباً إلكترونيةً بين كل من الناشطين والمتضامنين مع سكّان غزّة والداعمين للقضية الفلسطينية من جهة، وبين من يدعمون إسرائيل وحربها على أنّها “ردّة فعلٍ مبرّرة” من جهةٍ أخرى.

إلّا أنّه في هذه الحرب الافتراضيّة أيضاً، لا يتساوى الخصمان في الأدوات والإمكانات. يشكو عدد كبير من مستخدمي منصّات ميتا (فيسبوك وإنستغرام)، من الـshadow ban أو ما يُعرف بحجب الظهور الجزئي.

وحجب الظهور الجزئي هو نوع من الرقابة أو تكتيك تستعمله شركات التكنولوجيا المالكة لمنصّات التواصل الاجتماعي مثل “ميتا” و”إكس”، كسياسة تضييق، للحد من الوصول إلى المعلومات وإلى بعض المنشورات.

المعايير “المجهّلة”

خلال الحديث مع سمر الحلّال، مسؤولة وحدة التكنولوجيا في “سمكس”، تشرح بأن شركة ميتا تعتمد على قائمة لأسماء وحسابات وكلمات تعدّها غير ملائمة لسياسة الشركة وقوانينها، وحتى الآن ترفض “ميتا” الكشف عن هذه القائمة. هذا الحجب يتمثّل في حذف آلاف المنشورات، وتعليق الحسابات أو تقييدها، وتعطيل المجموعات، وخفض نسب وأعداد المشاهدات لهذه المنشورات الخاصّة بالحسابات الكبيرة ذات التأثير العالي، وأي حسابات أخرى تقوم بإعادة نشر هذه المحتويات، بالإضافة إلى خفض التفاعل مع المحتوى، وحظر بعض الهاشتاغات.

تقوم منظّمات مثل “سمكس”، وهي منظمة غير ربحيّة تسعى إلى النهوض والدفاع عن حقوق الإنسان في العالم الرقمي في منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا، برصد هذه التعدّيات، وتتفاعل مع “ميتا” و”إكس” بخصوصها. عبّرت سمر حلّال عن عدم استجابة “ميتا” و”إكس” لتفاعل “سمكس” بخصوص هذه التعدّيات، كون سياساتها الداخلية وأجنداتها الخاصّة، لا تصبّ في مصلحة السردية الفلسطينية، وتستفيد من حجب هذا النوع من المحتوى.

في العدوان على غزّة الذي تلى عملية “طوفان الأقصى”، تعرّضت الحسابات التي تنشر محتوى متعلّقاً بالسردية الفلسطينية لحجب الظهور الجزئي، بذريعة أن هذه المنشورات مخالفة لسياسات وشروط النشر الخاصّة بالشركة، في حين لا يتم فرض شروط مماثلة على المنشورات التي تدعم السرديّة الغربية أو الإسرائيليّة.

قبل “طوفان الأقصى”

حجب الظهور الجزئي الذي تتعرض له العديد من الحسابات على “ميتا”، ليس إجراءً جديداً تتخذه الشركة بحق المناهضين لسياسات إسرائيل وارتكاباتها بحق الفلسطينيين. ففي العام 2018، عمد فيسبوك إلى إغلاق العديد من الحسابات المنددة بإعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، القدس عاصمةً لإسرائيل. وفي هذا السياق، كشفت وزارة القضاء الإسرائيلية أن إدارة موقع فيسبوك استجابت عام 2017، لما يقرب من 85% من طلبات إسرائيل، لإزالة وحظر بيانات خاصة بالمحتوى الفلسطيني على موقع التواصل الاجتماعي وتقديم أخرى.

في المقابل، وخلال الاحتجاجات على التهجير القسري لسكّان حي الشيخ جرّاح عام 2021، رصدت هيومن رايتس ووتش ما وصفته بـ”إزالة وقمع محتوى نشره فلسطينيون ومناصروهم بشكل غير جائز”، مناهض للاعتداءات الاسرائيلية على الحيّ المقدسي، بعد أن لجأ الناس إلى توثيق الاعتداءات وزيادة الوعي، ونقلت حينها صفحة صدى سوشال، أنها تمكنت من “استعادة حسابات تويتر التي وثّق إغلاقها المركز خلال الـ24 ساعةً الأخيرة، على خلفية تفاعلها مع حملة ‘أنقذوا حي الشيخ جراح’، والتي بلغ عددها أكثر من 70 حساباً، ويأتي ذلك من خلال جهود المركز المستمرة مع مختلف منصات التواصل الاجتماعي لحماية الحقوق الرقمية الفلسطينية”.

وإدانة إجبار الفلسطينيين على ترك منازلهم، حيث تحوّلت هذه القضية إلى قضية رأي عام عالمي تفاعل معها الملايين حول العالم.

وكردّة فعل على تفاعل العالم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تم إغلاق حساب الصحافية المقدسية منى الكرد، ابنة حي الشيخ جرّاح، التي نقلت أحداث التهجير القسري. ونقلت حينها صفحة صدى سوشال، أنها تمكنت من “استعادة حسابات تويتر التي وثّق إغلاقها المركز خلال الـ24 ساعةً الأخيرة، على خلفية تفاعلها مع حملة ‘أنقذوا حي الشيخ جراح’، والتي بلغ عددها أكثر من 70 حساباً، ويأتي ذلك من خلال جهود المركز المستمرة مع مختلف منصات التواصل الاجتماعي لحماية الحقوق الرقمية الفلسطينية”.

ونقلت حينها صفحة صدى سوشال، أنها تمكنت من “استعادة حسابات تويتر التي وثّق إغلاقها المركز خلال الـ24 ساعةً الأخيرة، على خلفية تفاعلها مع حملة ‘أنقذوا حي الشيخ جراح’، والتي بلغ عددها أكثر من 70 حساباً، ويأتي ذلك من خلال جهود المركز المستمرة مع مختلف منصات التواصل الاجتماعي لحماية الحقوق الرقمية الفلسطينية”.

بعد “الطوفان”

أمّا بعد عمليّة “طوفان الأقصى” عام 2023، فقد طلبت المفوضيّة الأوروبية من “ميتا”، الشركة المالكة لفيسبوك وإنستغرام، ومن إكس (تويتر سابقاً)، حذف “المنشورات ذات المحتوى غير القانوني”، وهنا تقصد المحتوى الداعم لحركة حماس الإرهابية بحسب الاتحاد الأوروبي، أو مواجهة عقوبات بحسب رويترز. كما أعلنت المفوضيّة أن عدم الامتثال لطلبها قد يؤدي إلى فرض غرامات من الاتحاد الأوروبي تصل إلى 6% من إجمالي مبيعات هذه الشركات.

وصرّح مفوض الاتحاد الأوروبي تييري بريتون، يوم الثلاثاء في 11 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بأن لديه مؤشرات على أن شركة إكس، المعروفة سابقاً بتويتر، تُستخدَم لنشر محتوى غير قانوني وترويج معلومات غير صحيحة في الاتحاد الأوروبي، وتوجّه من خلال رسالة إلى مالك أكس، إيلون ماسك، بالقول: “أدعوك عاجلاً للتأكد من أن نظمك فعّالة وللإبلاغ عن التدابير اللازمة التي اتخذتها”.

ولم يقدّم بريتون تفاصيل حول التضليل الذي كان يشير إليه. وردّاً على منشور إكس الذي نشره بريتون، قال ماسك إن “سياسة شركته هي أن كل شيء مفتوح المصدر وشفاف. يرجى سرد الانتهاكات التي تلمح إليها على إكس حتى يتمكن الجمهور من رؤيتها”.

كيف نهرب من الحظر؟

للتحايل على هذه السياسات الصارمة وغير العادلة، يمكن اللجوء إلى بعض الطرائق للاحتيال على خوارزميات هذه المنصّات، ليصل المنشور إلى أكبر نسبة مشاهدة ممكنة، بحسب ما تقول خبيرة “سمكس”، في حديثها إلى رصيف22، ومنها:

ذكر أسماء شخصيّات معروفة في المنشورات مثل “ميتا”، “إنستغرام”، “مارك زكربرغ” وغيرها على خاصّية القصص المصوّرة (ستوريز)، أو عبر الهاشتاغ على فيسبوك وإكس.

استخدام ستيكرز ومقاطع صوتية على الصور لتشتيت الخوارزميات.

نشر صور شخصية، سيلفي، صور لحيوانات أليفة، مناظر طبيعية بين الستوريات وبين المنشورات على فيسبوك.

فصل أحرف الكلمات عن بعضها، واستخدام رموز مثل رمز النسبة المئوية وعلامات الاستفهام والتعجب في الكلمات التي قد ترصدها الخوارزميات وتمنع مشاهدتها مثل كتابة إسر٪ئيل أو إسر؟ئيل.

استخدام الحروف اللاتينية والأجنبية في الكلمة نفسها في حالة الكلمات الممنوع استخدامها مثل shaهيد.

كما اضطر بعض الناشطين إلى ابتكار طرائق جديدة وسهلة للتحايل على الخوارزميات وإيصال الصورة الداعمة لفلسطين. ابتكر في هذا الصدد المبرمج المصري محمد درويش، موقعاً يقوم بإدماج رموز وحروف باللغة الإنكليزية، في الكلمة نفسها التي ينوي المستخدمون نشرها للتحايل على الخوارزميات.

مع كل المجازر وجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في غزّة على الأرض، تساندها الشركات المالكة لمواقع التواصل الاجتماعي في العالم الافتراضي لتتأكّد أن الفلسطينيين يموتون بصمت، من دون أن تصل الجريمة إلى العالم كلّه. ويبقى حلّنا الوحيد هو إيجاد المخارج لكسر الصمت، لعل العالم يسمع.

المصدر: رصيف 22

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *