النخيل نيوز
آراءنيوز بار

المناسبات المليونية والفرص الضائعة

د. لؤي الخطيب

لنتخيل للحظة، ولو جدلاً، أن كربلاء الحسين، قصة وإرثاً، موجودة في بلد متقدم غير العراق، كيف سيكون استثمارها.

سيتجاوز عدد الزائرين سنوياً حدود الـ ١٠٠ مليون من خارج البلاد فقط، يدرّون للناتج المحلي بنسبة لا تقل عن ٢٠٪ إضافة لـ ٥٪ واردات من سوق الانتاج السينمائي والفني والفعاليات الثقافية التي تنتجه المدينة الاعلامية لكربلاء بمستوى هوليوود، و ١٥٪ واردات إضافية للدولة من استثمارات عقارية وصناعية وتجارية وزراعية وخدمية وغيرها. وسنشهد ناقلاً وطنياً عالمياً بمعايير لا تقل عن طبقة الخطوط الإماراتية والقطرية تجعل من العراق محطة سياحية ومركز ترانزيت عالمي بوجود مطار دولي أفخم من مطار اسطنبول، وشبكة قطارات متطورة ورابحة لنقل ملايين الزائرين شمالاً وجنوباً شرقاً وغرباً، ومسارح ومنتديات عالمية تعيد كتابة التأريخ بحرفية مسؤولة بعيدة عن عالم الخرافة تهذب السلوك الاجتماعي للشعب، وكرنڤالات موسمية مهذبة وجاذبة لكل أطياف المجتمع الانساني من كل المشارب، وفرص عمل مليونية تقتل البطالة المحلية عن بكرة أبيها لتحتضن جميع شباب البلاد وتغطي حاجة القطاع الخاص من المهنيين والحرفيين. وسنشهد كذلك سلوك منضبط ومسؤول للمواكب الدينية والعشائرية مدعومة ببنى تحتية متطورة ومنشآت تعكس الهوية الثقافية بأبهى تجلياتها بعيداً عن العشوائية وانعدام الذائقة، وتحفظ الفلكلور الشعبي والإرث الفكري والتأريخي للبلاد.

المناسبات والزيارات المليونية في العراق فرصة ضائعة تحكمها العفوية وارتجال التنظيم وانعدام الذائقة والنظافة والخدمات الحقيقية، وهي اليوم بحاجة إلى تكاتف قيادات اقتصادية وثقافية ودينية متنورة تعي معنى استثمار جميع الفرص المتاحة لتنمية البلاد وتوعية المجتمع وتحويل العراق إلى مركز إشعاع ثقافي ومركز جذب تجاري لا مثيل له.

حتى ذلك الحين، سيبقى أقصى طموح القائمين على المناسبات المليونية في العراق محدوداً بأفق تفكير “الحملدارية” في توفير باصات لنقل الركاب وكهرباء لمواكب الطبخ واستنزاف لموارد الدولة المحدودة دون أي إضافة نوعية، لا اقتصادياً ولا ثقافياً.

أعلم جيداً أن هذه الصراحة ستغيظ الكثير وخصوصاً أصحاب التفكير التقليدي، كما أنني لا أقصد بهذا القول زيارة الأربعين لهذا العام تحديداً، بل مجمل المناسبات الدينية في بلدنا. لكن الحقيقة مؤلمة ولا تحتمل المجاملات، مهما اجتهدنا في صياغة لغتها الدبلوماسية وبتحفظ شديد!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *