السلطات السعودية تحكم باعدام مدرس متقاعد بسبب تغريدات على “تويتر”!
انتقدت منظمة “هيومن رايتس ووتش”،، إصدار السلطات السعودية، حكما بإعدام رجل بسبب تغريدات له على منصة “أكس”، المعروفة سابقا بتويتر، ونشاطه على يوتيوب.
وطالبت المنظمة بإلغاء الحكم الصادر على المدرس السعودي المتقاعد، محمد الغامدي (55 عاما)، معتبرة أنه يشكل تصعيدا للقمع الحكومي ضد حرية التعبير والمعارضة السياسية السلمية في البلاد.
ودانت “المحكمة الجزائية المتخصصة”، وهي محكمة مكافحة الإرهاب السعودية، في العاشر من يوليو الماضي، الغامدي بعدة جرائم “جرّاء تعبيره السلمي على الإنترنت فحسب، وحكمت عليه بالإعدام، مستندةً إلى تغريداته وإعادة التغريد ونشاطه على اليوتيوب كدليل ضده”.
قضت محكمة سعودية بالإعدام على مواطن ندّد بفساد وانتهاكات لحقوق الإنسان في المملكة على وسائل التواصل الاجتماعي، وفق ما أفاد شقيقه ومصدر مطلع على القضية وكالة فرانس برس، الاثنين.
وأكّدت المحكمة أنها أصدرت الحكم “بالقتل تعزيزا لشناعة ما صدر عنه وخطورة ما أقدم عليه”.
لكن الباحثة المتخصصة في الشؤون السعودية في هيومن رايتس ووتش، جوي شيا، اعتبرت أن “القمع وصل في السعودية مرحلةً جديدة مرعبة، يمكن فيها للمحكمة إيقاع عقوبة الإعدام لمجرد تغريدات سلمية”، مضيفة أن “السلطات صعدت حملتها ضد كافة أشكال المعارضة إلى مستويات مذهلة، وينبغي لها رفض هذا الاستهزاء بالعدالة”.
وفي مقابلة أجراها موقع “الحرة”، مع شقيقه الناشط السعودي في المنفى الاختياري في المملكة المتحدة، شرح سعيد الغامدي أنه “خلال التحقيقات، أخبره الضباط أنهم يريدون أن يسألوه بعض الأسئلة العادية عن الأوضاع في البلاد والمعتقلين ووعدوه بأنهم سيخلون سبيله إذا أجابهم بصراحة، وأن هذه الأسئلة لن تضره”.
وقال: “سألوه عن رأيه في المعتقلين سلمان العودة وعوض القرني وعلي العمري فأجابهم بأنهم أناس طيبون ولا يستحقون الاعتقال، كما سألوه عن المعارضين في الخارج، وعني وعن تركي الشلهوب وعمر عبد العزيز وحسابات (خط البلدة)، و(معتقلي الرأي)، و(نحو الحرية)، فقال أنا أتابع هذه الحسابات وأرى ما يكتبون فيها”.
وأضاف: “سألوه أيضا عن بعض القضايا مثل التطبيع مع إسرائيل، وعن رأيه في الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعن جماعة الإخوان في مصر، فقال إنه ضد التطبيع كما يرى أن السيسي مغتصب للسلطة، وأن الإخوان ظلموا وانتهكت حقوقهم”.
واعتبر سعيد أن هذه الإجابات “بنوا عليها بأنه يدعم الإرهاب ويشجع الإرهابيين وأنه لا يرى بيعة لولي الأمر، وأنه بأفكاره هذه سوف يؤدي إلى تدمير البلد والفتن وحدوث تفجيرات، وهي حيثيات كتبوها من عندهم، لكن المحامي بين لهم أن هذا الكلام الذي نقل عنه ليس صحيحا وأنه لم يعترف به”.
وقال: “تقدم المحامي بتقارير طبية تثبت أن شقيقي يعاني من أربعة أمراض عصبية في المخ والأعصاب، لكن كل هذا لم تلتفت إليه المحكمة”.
قبل وقت قليل من اعتقاله، من قبل السلطات السعودية، في فبراير 2022، اشترى محمد الغامدي (55 عاما)، هاتفا ورقما جديدين، وأنشأ حسابا على موقع “أكس” الذي كان يعرف بـ”تويتر” سابقا، تحت اسم وهمي، “ظنا منه بأنهم لن يصلوا إليه”، بحسب شقيقه سعيد، في حديثه مع موقع “الحرة”.
وتشير “هيومن رايتس ووتش أن وثائق المحكمة تذكر حسابين على منصة أكس يعودان إلى الغامدي. وجدت المنظمة أن الحساب الأول لديه متابعان والثاني لديه ثمانية. كلا الحسابين، اللذان يحتويان مجتمعَين على أقل من 1,000 تغريدة، يُدرجان إلى حد كبير تغريدات لمنتقدين معروفين للحكومة السعودية.
تستشهد وثيقة الاتهام بعدة تغريدات تنتقد العائلة المالكة السعودية كأدلة، إحداها على الأقل تدعو إلى إطلاق سراح سلمان العودة، رجل الدين البارز الذي يواجه عقوبة محتملة بالإعدام بتهم غامضة مختلفة تتعلق بتصريحاته وعلاقاته ومواقفه السياسية، وإلى إطلاق سراح علماء دين مسلمين بارزين آخرين من السجن.
قال مطلعون على القضية إن الغامدي لا يعتبر نفسه ناشطا سياسيا أو حقوقيا، بل مواطنا عاديا استخدم منصة إكس لمجرد الإعراب عن مخاوفه بشأن الحكومة السعودية.
ونقلت المنظمة عن مصادر أن الغامدي لديه مشاكل نفسية خطيرة عدة، وقد رفضت السلطات السعودية تزويده ببعض الأدوية اللازمة للعلاج. أضافت أن صحة الغامدي النفسية والجسدية تدهورت بشدة منذ اعتقاله.
واعتبرت المنظمة أن “حكم الإعدام بحق الغامدي هو الأحدث والأقسى في سلسلة قضايا استهدفت فيها السلطات السعودية مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لتعبيرهم السلمي عبر الإنترنت. خلال العام الماضي، أدانت المحاكم السعودية وفرضت أحكاما بالسَّجن عشرات السنين على مستخدمي وسائل التواصل الذين انتقدوا الحكومة”.
وأشارت المنظمة إلى أن محكمة الاستئناف السعودية، زادت في أغسطس 2022، بشكل كبير مدة سَجن طالبة الدكتوراه السعودية سلمى الشهاب، من ستة أعوام إلى 34 عاما، نتيجةً فقط لنشاطها على منصة إكس. خُفّف الحكم لاحقا عند الاستئناف إلى 27 عاما. في اليوم نفسه، حكمت المحكمة على امرأة أخرى، نورة بن سعيد القحطاني، بالسَّجن 45 عاما بتهمة “استخدام الإنترنت لتمزيق النسيج الاجتماعي”.
أعدمت السلطات السعودية 81 رجلا في 12 مارس 2022، في أكبر إعدام جماعي في البلاد منذ سنوات، رغم وعود القيادة بالحد من استخدام هذه العقوبة. وقال نشطاء سعوديون لـ هيومن رايتس ووتش إن 41 من الرجال ينتمون إلى الأقلية الشيعية في البلاد، التي طالما عانت من التمييز الحكومي المنهجي. وثّقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات واسعة ومنهجية في نظام العدالة الجنائية السعودي، “ما يجعل من المستحيل تقريبا على المتهمين، بمن فيهم الغامدي، نيل محاكمة عادلة”.
وانتقدت هيومن رايتس ووتش مرارا الانتهاكات التي وصفتها بـ”المتفشية” في نظام العدالة الجنائية السعودي، “بما فيها فترات الاحتجاز الطويلة بدون تهمة أو محاكمة، والحرمان من المساعدة القانونية، واعتماد المحاكم على الاعترافات الملطخة بالتعذيب كأساس وحيد للإدانة. انتهاكات حقوق المتهمين جوهرية ومنهجية لدرجة يصعب فيها التوفيق بين نظام العدالة الجنائية في السعودية ونظام قائم على المبادئ الأساسية لسيادة القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان”.
وقالت شيا: “تستهدف السلطات السعودية الآن الانتقادات عبر الإنترنت ليس بمحاكمات صُوَرية جائرة فحسب، بل أيضا بالتهديد بعقوبة الإعدام. عندما يمكن أن تؤدي مجرد تغريدة منتقِدة إلى حكم بالإعدام، يصعب على المرء أن يرى جدية تعهدات القيادة السعودية بجعل البلاد أكثر احتراما للحقوق”.