النخيل نيوز
آراءنيوز بار

جدلٌ إعلاميٌّ غربيٌّ بشأن نجاحات العراق

  باقر صاحب

المراقب الدقيق لما يجري في العراق الآن، في ظل حكومته الحالية، يرى أن هناك نجاحات تتحقق على أرض الواقع، وأن حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أنجزت ما يفوق التوقعات في فترة قصيرة. أيُّ مراقب حياديٍّ حين يطلع على جدل إعلامي غربيٍّ بشأن تلك النجاحات اللافتة، يستحضر المثل القائل” ليس هناك دخان من دون نار”.

 هذه المقدمة الموضوعية هي وليدة اطّلاعنا لتقريرٍ مُترجمٍ نشرته” وكالة المعلومة” العراقية” بشأن انتقاد وكالةٍ بلجيكيةٍ تُدعى “يوروبورتر” لما نشرته مجلة “فورين افير” الأميركية بأنّ العراق، بحسب الأخيرة، في طريقه “إلى الانهيار بهدوء”، وتذهب الوكالة البلجيكية في موقعها إلى أنّ من يراهنون على انهيار العراق سيفشلون، فتورد في تقريرها محاججاتٍ تسند ما ذهبت إليه من نجاحاتٍ حقّقتها الحكومة العراقية الحالية في عمرها القصير، فتذكر أنّ كاتب مقال المجلة الأميركية مايكل ماينس” يتناسى بالفعل أن الحكومة العراقية الحالية فاقت بالفعل التوقعات خلال ستة أشهرٍ فقط من تولّيها مهامها، كما أن إنجازاتها تجاوزت البيانات الحكومية وأصبحت حقيقةً ملموسةً على الأرض، يشعر بها العراقيون وتراها شعوب الشرق الأوسط وقادته، الذين يستثمرون مليارات الدولارات في عراق آمنٍ ومستقر”.  وهنا يستطرد تقرير الوكالة البلجيكية في ذكر تفاصيل تلك النجاحات العراقية، مثلاً الدور العراقي البارز في إنجاح الاتفاق السعودي الإيراني، لأنّ العراق ارتأى بحكمةٍ ورويّةٍ أنّ هذا الاتفاق يصبّ في مصلحة استقراره السياسي والأمني وازدهاره الاقتصادي، منوهةً إلى “الاجتماع اللاحق الذي ضمّ السعوديين والإيرانيين حول طاولة برئاسة رئيس الوزراء لمناقشة مشروع طريق التنمية والذي يطمح العراق أن يكون نواة ابتعاده عن الاعتماد على النفط كمصدرٍ أساسيٍّ للدخل”.

وتطرح الوكالة البلجيكية تساؤلاً استنكارياً مفاده إذا كان “العراق سينهار”، فكيف استطاع جذب الاستثمار السعودي حيث تمّ الإعلان”عن شارع بغداد أكبر سوق تجاري بمليارات الدولارات يشارك فيه السعوديون، كما أنّ إجمالي توقيع اتفاقية توتال إنرجي في قطاع الطاقة بلغ 27 مليار دولار” وينوّه التقرير البلجيكي بأن هذه الاستثمارات العملاقة، لن يتمّ الاتفاق عليها إلاّ بعد” التحقيق في المخاطر والفوائد المُتوقعة من كلّ مشروع، وبالتالي، لن تُستثمر كلُّ هذه الأموال في عراق “ينهار بهدوء” بحسب مايكل نايس”.

تقول تقارير بهذا الصدد أن الزيارة القطرية لها أبعادٌ سياسيةٌ واقتصادية، وهي تعكس النظرة الخليجية الجديدة للعراق بضرورة انفتاح دول الخليج عليه، لأنّ عراقا آمناً ومزدهراً هو مسهمٌ كبيرٌ في أمن المحيط الخليجي والعربي خاصةً والإقليمي عامةً.

وعودةً إلى تقرير الوكالة البلجيكية، يذكر المحلّل الأميركي مايكل نايس أنّ هناك أخطاءً في الموازنة التي أقرّها مجلس النواب العراقي مؤخراً، تتعلق بسعر برميل النفط المعتمد في الموازنة 70دولاراً للبرميل، وبأنّه عرضةٌ للانخفاض، فتردّ الوكالة البلجيكية بأنّ نايس” نسي أنّ كلّ التوقعات تشير إلى ارتفاع أسعار النفط، وفي نفس الوقت يتمتع العراق بأهمّ الاحتياطيات النقدية التي يمتلكها في تاريخه والبالغة 115 مليار دولار، كما يتجاهل المقال أيضاً أنّ سياسة أوبك هي زيادة الإنتاج أو خفضه بشكلٍ استباقي اعتمادًا على ظروف السوق لضمان استقرار الأسعار حول المستويات الحالية، وهي دافعٌ للحفاظ على مصالح الدول الأعضاء ومنها العراق”.

يخلص تقرير الوكالة البلجيكية إلى أنّ هناك ضحالةً في تحليلٍ منشورٍ في مجلةٍ أميركية “ يُفترض بأنها تتمتع بسمعةٍ طيبةٍ في التحليل السياسي” وأنَّ كاتب المنشور مايكل نايس متحيّزٌ سياسياً إلى الإدارة الأميركية، فإن كان موضوعياً كان ينبغي عليه الإشادة بما يجري في العراق من نجاحاتٍ لافتةٍ للنظر، وأكبر دليلٍ على ذلك أن تلك النجاحات أصبحت محلّ جدلٍ بين وسائل الإعلام في الغرب ما بين موضوعيةٍ  ومتحيّزة.

المصدر: صحيفة الصباح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *