بقلم/ عبد الحميد الصائح
أعادني منشورٌ أرسلَه لي الصديق الكاتب والصحفي الوقور السيد علاء الخطيب ، كتبه (أحدُهم ) بصيغة أن علاء يطلب الصفح والمغفرة ويشعر بالذنب ويعترف بجرائمه وعمالته وزواجهه من أجنبية .. وسبعة أولاد ولقاءات مشبوهة .. وأموال ..وغير ذلك من الأكاذيب الوضيعة التي بَذلَ الشريفُ الذي دبّجها جهداً فوقَ العادة ليجعلَها في عشرِ حلقات!! . فعلا أعادَني ذلك الى سلوكٍ شائعٍ لدى شريحةٍ من المرضى النفسيين أو المأجورين الذينَ يكتبونَ بأنيابِهم معلوماتٍ مضللةً تنهشُ الناسَ في أعراضهم او يطلقون شائعات وخلط حقائق وتخريف واتهامات حول انتسابهم ووطنيتهم ، بحيث شاعَ مصطلحٌ يسمونَه (صحافة التسقيط)، وقد سمعتُ هذا المصطلحَ من صديقٍ إعلامي موثوق شرَحِ لي بالضبط ماهي مهامُ صحفيي التسقيط هؤلاء؟ ، وبينهم بنات يتسللنَ الى معرفة خصوم الدافوع أو الدافوعة من النساء، ويدخلنَ بيوتَهن ويلتقطنَ صوراً تلقائية ثم يتم تحويرُها بنظام الفوتو شوب ليظهرنَ بمظاهر غير لائقة . أو أن يقوم السيد التسقيطي بتسويقِ معلومةٍ مسيئةٍ لشخص ونشرِها في مواقعَ وكروبات، حتى اذا تم نفيُها فلن يغطي النفيُ مساحةَ النشر الواسعةَ التي وصلَ عبرها .
آخرُ سوءٍ في هذه الظاهرة هو الافتقارُ الى شرف الخصومة واحترام الذات وأولُ السوء أنه زنا إعلاميٌ بائنٌ وصريح .
الأمر المؤسف جدا حين يصدر ذلك من شخصيات متعلمة وتدعي أنّ لها حضوراً عاماً ومساهمات علمية أو ثقافية أو سياسية وربما تعرفُ عكس ماتروّج !!! لاسيما وأن هذا الزنا يرتكبُه مرتكبُه في مجتمعٍ؛ السمعة فيه فوق كل شيء ، والاثر النفسي لدى المتضرر قد يكون عاليا ومتشعباً، وكما يقول علي الوردي :” يكفي أنْ تنهي حياة عراقي باطلاق خبرٍ يشوه سمعتَه ليظلّ طوالَ حياته يدافع عن نفسه” .
شخصيا حدث معي ذلك مراراً ويحدث , أحدُهم من زناةِ الإعلام كتبَ معلوماتٍ مشوهةً عجيبةً ومرعبة عن شخصي المتواضع تتعلقُ بسيرتي ، وقد تجاهلتُ مابدرَ منه ولم أرد على أكاذيبِه كعادتي، لكنه اتصل يوماً بالاستاذين أياد الزاملي مدير موقع كتابات والإعلامي المعروف شاكر حامد طالبا منهم أنْ اغفرَ له خطيئته ، وأنه اكتشفَ (بعد التحقق) عقب النشر بأنيّ انسان مختلف واني لا أستحق منه ذلك ويريد الاعتذار ، مرسلاً ايميلا الى أياد وبصمة ًصوتية الى شاكر بالأمر . وقد أبلغتُ الصديق اياد في حينها بايميلٍ مختصر إجابة له يقول : ( انا لم اتضرر مما كتبت يا اخي ولذلك فإنَ اعتذارك مني في غير محله، اعتذِرْ من القراء الذين سمّمت افكارهم بمعلومات مضلله تفتقر الى أدنى معايير الشرف الاعلامي).ثم حين التقاني مصادفة انحنى وتأسف وقال لي : لقد اخطأتُ بحقك بعد أن غَرّر بي أحد أبناء مدينتك !!.
هناك كذلك قصص كثيرة أغرب من هذه تُنسج حتى اليوم وتغيّرُ من أفكار ِالجهلة الذين لايعرفونك جيداً.ولايتحققون مما يسمعون ، وقصصٌ أخرى كثيرة عانى ويعاني منها أصدقاء وصديقات عاملون في الوسط الاعلامي وحتى الوسط السياسي الذي للأسف شجّع هذه النماذجَ لارتكابِ الزنا الاعلامي ضد خصومهم وهو مايعرف بالجيوش الالكترونية .
ببساطة واختصار إن العملَ الإعلامي والأخبارَ والقلمَ أو الكيبورد وأعراضَ الناس وخصوصياتهم ومواقفَهم لهيَ أمانة ٌ تقعُ ضمنَ المسؤولية الأخلاقية وسلطةِ الضمير حتى وإنْ كانتْ الكتابة باسمٍ مستعارْ أو بدون اسم ، ومايقوم به هؤلاء لايقلّ عن جريمةِ القتل أو الإغتصاب أو السرقة بل هي أكثرُ من ذلك لأنها جريمة ٌفي الظلام، سعيدٌ مرتكِبُها فقط لانه – كما يتوهّم- بعيدٌ عن العيون .
فالضمير صوتُكَ الداخلي ، وليسِ شرطيّا يقفُ على رأسِك تتملّص منه لترتكبِ فعلتك. وما يُكتبُ من زنا النشرِ هذا له ضحيتان ،الجاهل الذي يصدّقه ، والبريءُ الذي تصيبُه انباء الفاسقين