النخيل نيوز
آراءنيوز بار

أول “كذبة نيسان ” في الصحافة العراقية

بقلم: محسن حسين

ازعم انني اول من نشر كذبة نيسان في الصحافة العراقية.
ففي يوم الاثنين الأول من نيسان موعد صدور العدد الجديد من مجلة دنيا يحل ما اعتدنا عليه نقلا عن الغرب بيوم الكذب الأبيض (كذبة نيسان).
اما في الصحافة العراقية التي تأثرت بما سبقها في لبنان ومصر فلم تكن كذبة نيسان قد مورست الا انني فعلتها.
كان ذلك (قبل 66 عاما ) في الأول من نيسان عام 1957 في جريدة الشعب لصاحبها يحي قاسم وكنت قد بدأت العمل فيها قبل ذلك بنحو عام واحد.
نشرت في يوم ا نيسان خبرا غير صحيح يقول ان جريدة الشعب تحتفل اليوم بذكرى صدورها وتقيم حفلا ساهرا في قاعة الملك فيصل الثاني تشارك فيه نخبة من ابرز الفنانين العراقيين منهم عفيفة اسكندر ومحمد القبانجي وعدد آخر ذكرتهم لبيان أهمية الحفل والادعاء بمصداقيته.
ونشرت كوبونا (مربع الشكل) كبطاقة مجانية للدخول الحفل وقلت إن عددا محدودا من جريدة الشعب لهذا اليوم فيه هذا الكوبون وان سعيد الحظ من يجد في النسخة التي اشتراها هذا الكوبون الذي يسمح له بدخول الحفل، في حين كانت كل النسخ في الواقع تحمل ذلك الكوبون.
انطلت كذبة نيسان بشكل مدهش. وعندما حل المساء وجاء موعد الحفل كنت انا والمصور المرحوم حازم باك نراقب بوابة قاعة الملك فيصل الثاني (قاعة الشعب فيما بعد في باب المعظم ) من على بعد لنشاهد العشرات من الناس يحملون كوبوناتهم ويحاولون دخول القاعة في حين كان حراس القاعة يحاولون أفهام الجمهور بعدم وجود اي حفل في تلك الليلة غير ان البعض كان يشكك في اقوالهم وان الحفل قائم وان حراس القاعة يسمحون للبعض ويمنعون الآخرين دون وجه حق مع انهم يحملون بطاقة الدعوة يقصدون الكوبون.
وكانت المفاجأة غير المتوقعة ان سيارة دبلوماسية وصلت الى القاعة وتبين لنا ان السفير السعودي انطلت عليه الكذبة ولأنه من قراء الجريدة وصديق لصاحبها فقد جاء لحضور الحفل وتقديم التهاني للعاملين فيها وعاد السفير خائبا بعد ان افهمه الحراس بعدم وجود حفل في حين صرخ أحد المواطنين “ياجماعة هاي كذبة نيسان”.
ووصلت حافلة من المحمودية تقل نحو 30 طالبا من مدرسة اعدادية مسائية كلهم يحملون الكوبون ويدعون انهم محظوظون لأن نسخ الجريدة التي وصلت المحمودية تحمل هذا الكوبون.
وبعد هرج ومرج اتفق عدد من المخدوعين على التوجه الى الجريدة التي تقع في محلة السنك على الطرف الآخر من شارع الرشيد للاحتجاج على ما سببته لهم الجريدة وبعضهم غير مصدق انها مجرد “كذبة نيسان”.
وفي تلك اللحظات الحرجة اشار البعض الى وجودنا نراقب ما يحصل فاسرعنا انا وحازم باك بالهرب والعودة للجريدة حيث واجهنا العشرات من المحتجين الذين سرعان ما اخذوا يضحكون بعد ان قدمنا لهم المشروبات الغازية وافهمناهم بأن ما حصل هو كذبة نيسان اعتاد عليها الناس في دول أخرى.
في الجريدة نفسها كان الهاتف يدق يحمل استفسارات ومنها مكالمة من المطربة عفيفة اسكندر تحتج على عدم ابلاغها باقامة الحفل ومع ذلك فإنها مستعدة للذهاب الى هناك لكن إدارة الجريدة ابلغتها ان القضية كلها “كذبة نيسان”.ما القبانجي فقد زعل علينا لأنه لم يعلم بالحفل إلا من الناس.
في اليوم التالي احتل تحقيق صحفي كتبته عن أول كذبة نيسان في الصحافة العراقية صفحة كاملة من الجريدة. وتلقيت كلمة شكر ومكافأة من رئيس التحرير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *